في غزة، لم تعد الحرب وحدها تقتل الأطفال، بل أضيف إلى أدوات الموت حصار إسرائيلي خانق ومجاعة متفاقمة تسلب الصغار حياتهم بصمت موجع.
خلال الأيام الأخيرة، سجلت المستشفيات في القطاع مزيدًا من حالات الوفاة بين الأطفال نتيجة سوء التغذية والجوع، لترتفع الحصيلة إلى مئات الضحايا الذين لم تسعفهم أيادي الإغاثة ولا نداءات الاستغاثة.
أرقام تنذر بكارثة إنسانية
التقارير الطبية والإنسانية الواردة من غزة تكشف حجم الفاجعة المتصاعدة منذ بدء حرب السابع من أكتوبر، إذ تجاوز عدد الوفيات الناتجة عن الجوع 400 شخص منذ بداية الأزمة، بينهم عشرات الأطفال الذين لم يحتملوا نقص الغذاء والدواء.
الأرقام المتزايدة يومًا بعد آخر تعكس انهيار منظومة الحماية الأساسية للحياة، وتحول القطاع إلى ساحة مفتوحة لموت بطيء يفتك بالفئات الأضعف.
الأطفال.. الضحايا الأكثر هشاشة
الأطفال في غزة هم الحلقة الأضعف في هذه الكارثة، سوء التغذية يترك آثارًا مباشرة وسريعة على أجسادهم الصغيرة، فيتحول الحرمان من الطعام والدواء إلى فقدان للوزن وضعف في المناعة ثم مضاعفات قاتلة.
وتقارير الأطباء المحليين تشير إلى أن العديد من الأطفال يصلون إلى المستشفيات في حالات متأخرة لا يمكن إنقاذها بسبب تأخر العلاج، في ظل عجز المرافق الصحية التي تعمل بطاقة تفوق قدرتها بثلاثة أضعاف.
حصار يفاقم المأساة
الأزمة لا تتعلق فقط بندرة الغذاء داخل غزة، بل تمتد إلى القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية.
المعابر مغلقة من الجانب الإسرائيلي في معظم الوقت، والشاحنات المحملة بالغذاء والدواء تتكدس عند الحدود دون السماح لها بالعبور، وحتى عندما يسمح بإدخال كميات محدودة، فهي لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان، ما يجعل آلاف العائلات في مواجهة مباشرة مع شبح الجوع، ويترك الأطفال عرضة للموت دون فرصة للنجاة.
انهيار المنظومة الصحية
تدمير البنية التحتية الطبية بفعل الحرب المستمرة فاقم من عجز القطاع الصحي عن التعامل مع حالات سوء التغذية المتزايدة.
والمستشفيات تعاني من نقص حاد في الأدوية والمحاليل الغذائية الخاصة بإنقاذ الأطفال المصابين بالمجاعة، كما أن نسبة إشغال الأسرّة وصلت إلى مستويات كارثية.
الكوادر الطبية، التي فقدت المئات من أفرادها تحت القصف، تعمل في ظروف قاسية تجعل قدرتها على الاستجابة محدودة للغاية.
الوضع الإنساني في غزة بات خارج السيطرة، والمنظمات الدولية تحذر من أن الأعداد مرشحة للارتفاع إذا لم يُسمح بإدخال مساعدات إنسانية عاجلة وواسعة النطاق.
فالمجاعة لا تعرف حدودًا، والأطفال الذين يموتون اليوم جوعًا هم دليل حي على أن الكارثة لم تعد محتملة، وأن أي تأخير في الاستجابة سيعني المزيد من الضحايا.