ذات صلة

جمع

تكميم الأفواه في صنعاء.. صحفيون يدفعون ثمن الحقيقة

في واحدة من أبشع صور تكميم الأفواه، أصدرت المليشيات...

روما ليست نهاية الطريق.. هل تقود المفاوضات النووية إلى تفاهم مؤقت أم انفجار مؤجل؟

كشفت صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية، أن الإدارة الأميركية تدرس...

شبكات الإخوان في فرنسا.. تغلغل ناعم يهدد الهوية الوطنية

في وقت تنشغل فيه الدولة الفرنسية بقضايا مركزية كإعادة...

تكميم الأفواه في صنعاء.. صحفيون يدفعون ثمن الحقيقة

في واحدة من أبشع صور تكميم الأفواه، أصدرت المليشيات الحوثية الإرهابية حكمًا جديدًا يقضي بسجن الصحافي اليمني محمد دبوان المياحي لمدة عام ونصف، بتهمة نشره منشورات تنتقد زعيم الجماعة والوضع الإنساني المتدهور في مناطق سيطرتهم.

الحكم، الصادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة اليمنية صنعاء، تضمن أيضًا إلزام المياحي بتعهد مكتوب بعدم الكتابة مجددًا، وضمانة مالية قدرها خمسة ملايين ريال يمني في حال عاد لمزاولة نشاطه الصحفي.

هذه الخطوة تمثل حلقة جديدة في سلسلة من الانتهاكات التي تستهدف حرية الصحافة والتعبير في اليمن، تحت سلطة الجماعة المدعومة من إيران، والتي حولت القضاء إلى أداة لقمع الأصوات الحرة، بحسب ما تؤكده نقابة الصحفيين اليمنيين ومنظمات حقوقية دولية.

حكم يصدر من هاتف محمول

لم يكتفِ الحوثيون بمحاكمة صحفي بسبب رأي، بل إن طريقة إصدار الحكم نفسه كشفت عن مدى انهيار منظومة العدالة تحت سلطتهم، إذ تم النطق بالحكم من هاتف محمول داخل قاعة المحكمة، في مشهد عبثي لا يمت بأي صلة لمعايير العدالة أو النزاهة.

نقابة الصحفيين اليمنيين وصفت الحكم بأنه جزء من “حملة ممنهجة لإسكات الصحفيين في مناطق سيطرة المليشيات”، مؤكدة أن المحاكمة افتقدت لأبسط مقومات العدالة، وأن المياحي تعرض للاختطاف من منزله في سبتمبر 2024، ثم أخفي قسرًا لأشهر دون توجيه تهم رسمية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

سلاح المحاكم لقمع الكلمة

في الوقت الذي يفترض أن تكون فيه المحاكم ملاذًا للعدالة، يستخدمها الحوثيون كسلاح ضد كل من يجرؤ على قول الحقيقة.

الجماعة رفضت إحالة المياحي إلى محكمة الصحافة والمطبوعات المختصة، وأصرت على محاكمته أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب، رغم عدم اختصاصها بالنظر في قضايا التعبير والرأي.

هذا التوجه يثير مخاوف متزايدة من تحول القضاء في مناطق سيطرة المليشيا إلى أداة لتصفية الحسابات مع الخصوم والمعارضين، خصوصًا الصحفيين الذين ينقلون معاناة الناس ويفضحون الفساد والانتهاكات اليومية.

دعوات دولية للإفراج الفوري

في أعقاب صدور الحكم، طالبت نقابة الصحفيين اليمنيين بالإفراج الفوري عن المياحي، ووقف كافة أشكال الملاحقة والترهيب التي تستهدف الصحفيين في اليمن.

كما دعت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى ممارسة الضغط على المليشيات الحوثية لوقف استخدام القضاء كأداة لترهيب الصحافة.

وأشارت النقابة، أن استمرار هذه الانتهاكات يشكل تهديدًا خطيرًا على الحريات الأساسية، ويؤكد أن الجماعة لا تؤمن بالتعددية أو حرية الرأي، بل تعتبر الكلمة الحرة عدوا يجب سحقه.

ثمن الحقيقة في زمن القمع

محمد دبوان المياحي ليس أول صحفي يواجه هذا المصير، وربما لن يكون الأخير في ظل استمرار الصمت الدولي والتقاعس عن حماية الصحفيين في اليمن. ثمن قول الحقيقة في صنعاء أصبح باهظًا، تدفعه أقلام شجاعة ترفض الصمت، رغم السجون والتهديدات والاختطافات.

وفي ظل سيطرة المليشيات الإرهابية على المؤسسات القضائية والإعلامية، تبدو حرية التعبير في اليمن محاصرة أكثر من أي وقت مضى، ما يستدعي وقفة دولية جادة لحماية الصحافة ووقف انتهاكات جماعة لا تؤمن إلا بالقمع والإقصاء.

spot_img