مستقبل مشرق ينتظره أبناء الإمارات بتولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لحكم البلاد، خلفا لشقيقه الأكبر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي رحل عن عالمنا الجمعة الماضية، ليستكمل مسيرته وأسس والده الشيخ زايد؛ إذ تنبئ جهوده بأعوام واعدة تنتظر دولة الإمارات والمنطقة والعالم مع توقعات بسياسة خارجية حكيمة ورائدة ومتوازنة.
يمتلك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سجلا حافلا بالمبادرات الملهمة والجريئة والشجاعة لتعزيز الأخوة الإنسانية ونشر السلام، بفضل الجهود الرائدة لدعم الأمن والاستقرار في العالم، فضلا عن أنه صاحب البصمات البارزة والرؤى الحكيمة لدعم قضايا الأمة العربية والإسلامية.
بأحرف من نور، سجل الشيخ خليفه اسمه بتاريخ الإنسانية عبر عدد من المبادرات التاريخية والمواقف الإنسانية، ساهمت بشكل مباشر وأساسي في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد، فمنذ اليوم الأول من توليه منصب ولي عهد أبوظبي عام 2004، ساهم في العديد من المبادرات التي كانت سببًا رئيسيّا في تطوير أبوظبي وغيرها من المدن الإماراتية.
ومن بين تلك المبادرات الداعية للسلام، هي رعايته لوثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في الإمارات 4 فبراير 2019 والتي باتت يوما عالميا يحتفى به دوليا كل عام، كما أنه توصل لاتفاق تاريخي بين الإمارات وإسرائيل، وقع في 15 سبتمبر 2020.
كما أنه سبق أن تدخل بنفسه لتخفيف حدة التوتر في عدد من أماكن العالم، كان من أبرزها وساطته لنزع فتيل أطول نزاع في إفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا في يوليو 2018، وظهرت تلك الجهود جلية في مواقف كثيرة، من أحدثها جهودها الإنسانية في الأزمة الأوكرانية.
وخلال جائحة كورونا، ساهم الشيخ محمد بن زايد في العديد من المبادرات المتواصلة لدعم الجهود العالمية لمكافحة الفيروس، منها افتتاح مركز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الإماراتي-اللبناني الاستشفائي لعلاج مرضى كورونا في لبنان، في يناير الماضي، وإنشاء عدد من المستشفيات الميدانية باسم “مستشفيات الشيخ محمد بن زايد الميدانية” في عدد من الدول وذلك لمساعدة الدول للتصدي لانتشار فيروس كورونا ومعالجة المصابين.
كما حرص على أن تدعم الإمارات الدول الشقيقة والصديقة؛ لذا تحتل الدولة لسنوات عديدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي، فيما بلغت حجم المساعدات الإماراتية الخارجية منذ تأسيسها نحو 320 مليار درهم في 201 دولة.
واستمرار نهج والده الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسير على خطاه القيادية الرشيدة لإحلال قيم العدالة والسلام، دافعت الإمارات بكل السبل عن القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، عبر عدة مواقف أظهرت دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية.
جهود الشيخ محمد كفارس للإنسانية، ظهرت بدعم العالم لانتخاب دولة الإمارات عضوا في مجلس الأمن الدولي للفترة “2022-2023″، تقديرا لجهودها وجهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في دعم الأمن والاستقرار ونشر السلام، وأيضا انتخاب دولة الإمارات عضوا في مجلس حقوق الإنسان الأممي للفترة 2022-2024، في خطوة تعبر عن عمق الاحترام الدولي الذي تحظى به ودورها البارز في دعم حقوق الإنسان، فضلا عن فوز البلاد باستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28” عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
كما وجه بعقد العديد من القمم الدولية والتي بلغ عددها نحو 19 قمة جميعها كانت بهدف السلام وبث روح التسامح والإنسانية في مختلف البلدان الإقليمية والدولية، وكان للشيخ محمد بن زايد دور كبير في حل العديد من المشاكل خلال تلك القمم.
وبتوجيهاته أيضا شاركت الإمارات بعناصر من قواتها ضمن قوات حفظ السلام الدولية، أو ضمن القوات التي تضطلع بمهام مشابهة، وتعتبر ذلك جزءاً أصيلاً من سياستها الخارجية، وذلك بناء على تقديرات إستراتيجية قائمة على أن مصالح هذه الدول ترتبط ارتباطاً عضوياً بهذه المشاركات، مثلما حدث في مشاركة الإمارات في عمليات حفظ السلام حول العالم، والتي تعد تعبيراً صريحاً وترجمة دقيقة لمواقف دولة الإمارات حيال هذه الملفات، كما تعتبر أيضاً أداة مهمة لخدمة مصالحها الوطنية وكذلك الدفاع عن الدول الشقيقة.
كما شاركت الإمارات في مهام حفظ السلام ضمن قوات الردع العربية بلبنان، بموجب قرار مؤتمر القمة العربي الاستثنائي الذي عقد في القاهرة 1976، وعادت القوات المسلحة الإماراتية إلى لبنان عام 2001 لتخوض غمار تحدّ جديد تمثل في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام وتخفيف معاناة السكان، حيث سعت دولة الإمارات إلى المساهمة في تخفيف المعاناة عن الشعب اللبناني من آثار الألغام التي زرعها الإسرائيليون في جنوب لبنان بالمساهمة في مشروع التضامن الإماراتي لنزع الألغام.
ومدت أيضا الإمارات يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره؛ إذ أرسلت كتيبة من القوات المسلحة إلى الصومال للمشاركة في عملية “إعادة الأمل” ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى انضمامها لتحالف الدولي ضد داعش في عام 2014، وشاركت بفعالية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا مع مجموعة من الدول بما فيها دول خليجية كالسعودية والبحرين وقطر.
وتقديرا لتلك الجهود، سبق أن حصل على العديد من الجوائز والأوسمة الهامة، أحدثها جائزة “رجل الدولة الباحث” من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في نوفمبر الماضي، الذي وصفه بأنه قائد عملية تأمين اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل، فضلا عن التزامه بتوسيع التسامح الديني في بلاده.
كما منحه الفاتيكان في يوليو من العام الماضي بوسام “رجل الإنسانية”، تقديرا لجهوده الضخمة العديدة، وفي مارس 2021، تم اختياره كأفضل شخصية دولية في مجال الإغاثة الإنسانية لعام 2021، ومنحه القراء العرب لقب “القائد العربي الأبرز” لعام 2019، في الاستفتاء الذي أجرته شبكة “روسيا اليوم”.