كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية استمرار الميليشيات العراقية المدعومة من إيران في اغتيال النشطاء بالبلاد حتى في وضح النهار، حيث سلطت الضوء على واقعة اغتيال أحد نشطاء الاحتجاجات العراقية في شوارع كربلاء المقدسة وأمام منزله.
وقالت الصحيفة الأميركية في تقريرها بعنوان: “الميليشيات الإيرانية تتسبب بفوضى في كربلاء وتواصل اغتيالها للنشطاء العراقيين”، إنه في شهر مايو الماضي، استيقظت سميرة عباس كاظم متأخرة في انتظار ابنها، وسحبت رأسها من بوابة منزلهم الصغير، بحثت عنه في الشارع الضيق، وبعد خمس دقائق، بينما كانت في المطبخ، قُتل برصاصة على بعد نصف شارع.
وكان نجلها إيهاب الوزني واحدًا من عشرات قادة الاحتجاجات المناهضين للحكومة الذين يُعتقد أنهم قتلوا على أيدي مقاتلي الميليشيات وقوات الأمن منذ تصاعد المظاهرات قبل عامين، لكن قتله يبرز على أنه هجوم وقح بشكل خاص هز مدينته، كربلاء، موقع بعض أقدس المواقع في الإسلام الشيعي والتي كانت تعتبر ذات يوم واحدة من أكثر المدن أمانًا في العراق.
أصبحت كربلاء، المدينة العراقية الجنوبية التي تستقطب مزاراتها ذات القبة الذهبية الحجاج الشيعة من جميع أنحاء العالم، نقطة اشتعال في الصراع الداخلي في العراق حول وجود عشرات الميليشيات القوية المدعومة من إيران، وبدلاً من أن تُعرف في الغالب بأنها مكان للصلاة والدراسة الهادئة، فقد أصبحت مرجلًا للجماعات المسلحة المتنافسة والمصالح السياسية.
وتهاجم الميليشيات الإيرانية الأعداء بما في ذلك الميليشيات المتنافسة والمواقع العسكرية الأميركية والمتظاهرين المناهضين للحكومة، لذلك دعا المتظاهرون، الذين طالبوا بفرص العمل ووضع حد للفساد، إلى إنهاء النفوذ الإيراني، الذي يلقون باللوم فيه على كثير من مشاكل العراق.
تتخذ إيران موقفاً في كربلاء، خشية على ما يبدو أنه إذا فقدت نفوذها هناك، ستتبعها مدن أخرى في قلب العراق الشيعي، بينما يبدو أن الميليشيات، بمساعدة الشرطة غير الفعالة والجهود الحكومية غير المجدية إلى حد كبير لتقديم قتلة النشطاء إلى العدالة، قد انتصرت.
وأشار التقرير إلى اتهام والدة إيهاب الوزني، قاسم مصلح قائد ميليشيا مدعومة من إيران باغتيال نجلها، لذلك أمر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قوات الأمن الاتحادية باعتقال السيد مصلح، ولكن تسبب اعتقاله في مواجهة مسلحة مع الجماعات شبه العسكرية.
ويعتبر مصلح، من سكان كربلاء، هو قائد لواء التفوف، وهي ميليشيا مدعومة من إيران في محافظة الأنبار في غرب العراق، حيث تعيش عائلتا مصلح والوزني في نفس حي كربلاء منذ سنوات.
ووافق رئيس الوزراء، الذي تولى منصبه في عام 2019 واعدًا بإخضاع الميليشيات، على تسليم مصلح إلى القيادة شبه العسكرية، التي أطلقت سراحه بعد أن قال أحد القضاة إنه لا توجد أدلة كافية لتوجيه الاتهام إليه، كما صدرت مذكرة توقيف بحق علي مصلح.
وعاش مصلح في إيران ما يقرب من عقد من الزمان، وبعد مقتل الوزني أحرق متظاهرون حواجز حول القنصلية الإيرانية في كربلاء احتجاجا على ذلك.
وأشار التقرير الأمريكي إلى أنه على الورق، الشرطة المحلية هي المسؤولة عن الأمن خارج العتبات، لكن معظم سكان كربلاء يقرون بأن القوة هي العنصر الأضعف في السلسلة الأمنية.
وتضم القوات الأمنية مجموعة من الجماعات شبه العسكرية، بما في ذلك كتائب حزب الله، وهي ميليشيا مدعومة من إيران اتُّهمت بقتل مقاول عسكري أمريكي، ومجموعة شِبه عسكرية موالية لمقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الشعبوي، لذلك تستمر عمليات القتل، رغم وعود الكاظمي بإنهاء الفساد وتوفير الوظائف يبدو وكأنه حلم بعيد المنال.