ذات صلة

جمع

سقوط العمود الفقري.. كيف تعرقل الرؤية الإسرائيلية–الغزاوية خطة واشنطن؟

تواجه الإدارة الأمريكية واحدة من أعقد الأزمات في الشرق...

في ظل نفوذ الإخوان بالسودان.. ما مصير أي مبادئ دستورية مستقبلية تتعلق بالعلمانية؟

مع تصاعد نفوذ التيار الإسلامي خصوصًا المجموعات المرتبطة بجماعة...

المراجعة الدقيقة.. كيف أصبح مصير الإخوان على المحك في العاصمة البريطانية؟

تشهد العاصمة البريطانية لندن منذ أشهر سلسلة مراجعات رسمية...

تل أبيب تدق ناقوس الخطر.. عودة مكثفة لإنتاج الصواريخ الإيرانية

تشهد الأوساط الأمنية في تل أبيب حالة استنفار متجدد...

أوروبا تشد قبضتها.. حملات أوسع لكبح تمدد الإخوان الإرهابية

تتحرك العواصم الأوروبية بوتيرة متسارعة لمواجهة ما تصفه بـ"التهديد...

في ظل نفوذ الإخوان بالسودان.. ما مصير أي مبادئ دستورية مستقبلية تتعلق بالعلمانية؟

مع تصاعد نفوذ التيار الإسلامي خصوصًا المجموعات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين أو التي تتقاطع معها فكريًا برز سؤال جوهري،هل يمكن لأي مبادئ دستورية مستقبلية تتعلق بالعلمانية أن ترى النور، أم أن المشهد السوداني يتجه نحو إعادة إنتاج الدولة الدينية بصيغ جديدة؟

عودة الإسلاميين إلى واجهة المشهد.. نفوذ متجدد أم مناورة سياسية؟

وقالت مصادر: إنه منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع، نجح التيار الإسلامي بما فيه الشخصيات المحسوبة على الإخوان في توسيع حضوره داخل هياكل الدولة العسكرية والإدارية.

وترى مصادر ، أن هذا النفوذ ظهر نتيجة الفراغ السياسي بعد انهيار الفترة الانتقالية، واعتماد الجيش على كوادر فنية وإدارية لها خلفية إسلامية، وتوظيف الصراع العسكري لخلق اصطفاف سياسي جديد يعيد الإسلاميين إلى موقع تأثير، والدعم غير المعلن من جهات خارجية لا ترغب في صعود نموذج علماني بالسودان.

هذه العودة تمنح الإسلاميين قدرة أكبر على التأثير في صياغة أي رؤى دستورية مستقبلية، خصوصًا تلك المتعلقة بعلاقة الدين بالدولة، حيث يعتبرون أن العلمانية “تهديد لهوية السودان”.

العلمانية في السودان

وأكدت المصادر، أن رغم أن السودان لم يعرف دستورًا علمانيًا صريحًا عبر تاريخه، إلا أن النقاش حول علاقة الدين بالدولة ظل محورًا لعدد من الأزمات الوطنية، أبرزها: الحرب الأهلية الطويلة في الجنوب، والخلافات الجوهرية بين قوى اليسار والتيار الإسلامي، والصراع بين مكونات المجتمع المدني حول الحريات والحقوق.

وبعد ثورة ديسمبر 2018، برز لأول مرة مطلب واضح بتأسيس دولة مدنية تُحيّد المؤسسات عن الصراع الديني، لكن تعثر الانتقال السياسي وانفجار الحرب أعاد البلاد إلى نقطة الصفر، واليوم، يُطرح من جديد سؤال: هل يمكن العودة إلى هذا النقاش في ظل سيطرة الإسلاميين على مفاصل الدولة؟

المؤسسة العسكرية.. موقف غير محسوم

وكشفت مصادر، أن المؤسسة العسكرية السودانية ليست كتلة واحدة، فبينما يُظهر بعض قادتها ميلًا للتعاون مع التيار الإسلامي بحكم الارتباطات التاريخية، فإن تيارات أخرى داخل الجيش تفضّل نموذج دولة محايدة تحمي مصالحها ولا تدخلها في صراعات أيديولوجية لكن الحرب الحالية دفعت الجيش إلى اعتماد الإسلاميين كرافعة سياسية، وهو ما يزيد من احتمالات أن تكون المبادئ الدستورية المستقبلية أقرب إلى الرؤية الإسلامية المحافظة منها إلى العلمانية أو المدنية الكاملة.

ومع ذلك، فإن بعض الدبلوماسيين الغربيين الذين يتابعون الملف يؤكدون أن الجيش قد يقبل بـ”صيغة وسطية” لا تسمح بقيام دولة دينية كاملة ولا بدولة علمانية صريحة، بل بدستور هجين شبيه بدساتير عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة.

القوى الإقليمية

وتلعب الدول الإقليمية دورًا كبيرًا في رسم مستقبل السودان، فبعضها يعارض صعود الإخوان لكنه في الوقت نفسه لا يُفضّل ظهور نظام علماني قد يخلق عدوى سياسية إيديولوجية في المنطقة، ودول أخرى لديها ارتباطات تاريخية مع الإسلاميين السودانيين، وتعتبر المشروع العلماني تهديدًا لنفوذها، هذا التشابك يجعل أي مبادئ دستورية علمانية محاصرة إقليميًا بقدر ما هي محاصرة داخليًا.

سيناريوهات محتملة

وقالت مصادر: إن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية تتعلق بمصير العلمانية في مسودة الدستور القادم منها دستور مائل نحو الشريعة بشكل واضح “السيناريو الأرجح”، ومع تقدم الإسلاميين في مؤسسات الدولة وارتباط الجيش بهم، من المرجّح أن يُصاغ دستور يعتمد مرجعية الشريعة، مع مساحة محدودة للحريات، وصياغات واسعة تسمح بتأويلات مختلفة.

وثانيًا دستور هجين “دولة مدنية بمرجعية إسلامية” ، قد يتم تبني صيغة وسط تراعي مطالب المجتمع الدولي بوجود دولة دستورية، من دون التخلي عن رمزية الشريعة لضمان قبول الإسلاميين و دستور مدني أقرب للعلمانية وهو الأضعف حظًا حيث يرتبط هذا السيناريو بتغيير جذري في موازين القوى مثل انتهاء الحرب، وعودة قوى الثورة، وضغط دولي كبير وهو احتمال غير واقعي في المدى القريب.

هل هناك فرصة حقيقية للعلمانية في السودان؟

وأكدت المصادر، أن الواقع الحالي يشير إلى أن أي مبادئ دستورية علمانية ستواجه مقاومة سياسية وفكرية وتنظيمية واسعة، ما يجعل تمريرها صعبًا في ظل صعود الإسلاميين وتشرذم القوى المدنية واشتداد الحرب ومع ذلك، فإن مستقبل السودان الدستوري لن يُحسم فقط على طاولة التفاوض، بل أيضًا على الأرض، وعلى أساس موازين القوة التي قد تتغير مع الزمن، فكلما طال أمد الحرب، وكلما تعقدت التحالفات، زادت إمكانية ظهور سيناريوهات جديدة.