منذ 2011 أصبحت سوريا أحد أهم ساحات النفوذ الإيراني، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، فقد نجحت طهران في ترسيخ حضورها عبر الميليشيات والقواعد العسكرية والشبكات التجارية، وتحولت دمشق بالنسبة لإيران إلى جزء من معادلة الهلال الاستراتيجي الذي يربط طهران ببغداد ودمشق وبيروت وغزة.
وقالت مصادر، إن أي ترتيبات أمنية جديدة بين دمشق وواشنطن، سواء جاءت تحت عنوان محاربة الإرهاب، أو ضبط الحدود، أو إعادة هيكلة الأمن السوري، قد تُعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة كلها.
لماذا يقلق التقارب الأمريكي– السوري إيران؟
وأوضحت المصادر، أن إيران ترى أن أي اختراق أمريكي للساحة السورية يمثل تهديدًا مباشرًا لعدة أسباب، والتي منها كسر العزلة التي تفرضها طهران على سوريا، و تهديد نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران، وتقليص الدور الإيراني في الاقتصاد السوري، وتغيير معادلة الدعم لحزب الله.
ما الذي تبحث عنه الولايات المتحدة من دمشق؟
وأشارت المصادر، أن واشنطن لا تسعى بالضرورة إلى تطبيع كامل مع النظام السوري، لكنها تبحث عن مكاسب أمنية وسياسية أهمها الحد من النفوذ الإيراني، وضمانات حول الحدود السورية– العراقية و تهدئة الجبهة الجنوبية، و التنسيق في ملفات مكافحة الإرهاب، خاصة مع بقاء خلايا داعش في البادية السورية.
كيف يمكن أن تتأثر الخرائط الأمنية في سوريا؟
وقالت المصادر، إنه من المرجح أن تضطر طهران لسحب جزء من ميليشياتها من محيط الجولان، أو إعادة دمجها داخل وحدات سورية رسمية بشكل يحدّ من استقلاليتها، وقد تدعم واشنطن عبر أطراف دولية إعادة هيكلة جزئية للجيش والأجهزة الأمنية، مما يعيد توزيع النفوذ بعيدًا عن الحرس الثوري، وأي مراقبة أمنية أمريكية ستؤثر في قدرة إيران على نقل الصواريخ الدقيقة إلى حزب الله.
ما هي الانعكاسات الإقليمية على نفوذ إيران؟
وكشفت المصادر، أنه إذا نجحت واشنطن في تقليص دور إيران في سوريا، سيزداد الضغط على النفوذ الإيراني في العراق أيضًا، خصوصًا على الفصائل المسلحة المرتبطة بطهران و حركة السلاح عبر الحدود الغربية و النفوذ السياسي داخل المؤسسات العراقية، وقد يدفع ذلك طهران لمحاولة تعزيز وجودها في بغداد وشرق العراق كتعويض عن خسائرها المحتملة في سوريا.
وأكدت، أن أي ترتيبات أمنية سورية– أمريكية ستنعكس مباشرة على قدرات حزب الله اللوجستية و حركة السلاح عبر الأراضي السورية و البيئة الجغرافية التي يعتمد عليها الحزب جنوب سوريا، وهذا قد يؤدي إلى تعديل سلوك حزب الله أو زيادة اعتماده على التصنيع المحلي للسلاح، وقد يؤدي تقارب أمني سوري– أمريكي إلى تخفيف نشاط الميليشيات المدعومة من إيران على الحدود مع الأردن، خاصة في ملف تهريب المخدرات، وإذا تراجع النفوذ الإيراني في سوريا، فستشعر دول الخليج بقدرة أكبر على دفع مسارات التهدئة وملفات إعادة الإعمار.
الترتيبات الأمنية الأمريكية- السورية
واختتمت المصادر، أنه أي ترتيبات أمنية أمريكية– سورية ستشكل نقطة تحول في معادلة النفوذ الإقليم، فبينما تسعى واشنطن لضبط نشاط إيران وتقليص نفوذها، تعمل طهران على الحفاظ على سوريا كجزء أساسي من محورها الإقليمي.
وهكذا، سيحدد نجاح أو فشل هذه الترتيبات مستقبل توازن القوى في الشرق الأوسط، وتأثيرها لن يقتصر على دمشق فحسب، بل سيمتد إلى بغداد وبيروت وعمان والخليج.

