يشهد السودان واحدة من أعقد المراحل في تاريخه السياسي المعاصر، حيث تتقاطع الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 مع صراعٍ أعمق يرتبط ببنية النظام السياسي نفسه، وبمستقبل الدولة وهويتها.
حيث يبرز دورٌ خطير وهو نفوذ تنظيم الإخوان المسلمين بشقيه السياسي والدعوي والعسكري داخل السودان، وتأثيره على أي مسار دستوري جديد، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الحساسة مثل العلمانية، فصل الدين عن الدولة، وحماية الحريات العامة.
ما هي جذور النفوذ الإخواني في السودان؟
وقالت مصادر: إنه منذ سبعينيات القرن الماضي، استفاد الإخوان من الهامش السياسي والأيديولوجي الذي تركته الأنظمة العسكرية المتعاقبة، ومع انقلاب 1989 بقيادة عمر البشير، وصل التنظيم إلى ذروة نفوذه، إذ أمسك بمفاصل الدولة الأمنية والعسكرية والقضائية والاقتصادية.
كيف استغل الإخوان انقسامهم والصراع الدائر للعودة عبر بوابة الجيش؟
كما انقسم التنظيم إلى أجنحة متعددة منها جماعة الإخوان التقليدية وأنصار البشير وذراع داخل بعض وحدات الجيش وشبكات متطرفة محلية، هذا التشرذم خلق تنافسًا داخليًا لكنه حافظ على تأثير ملحوظ في الوقت نفسه.
وأوضحت المصادر، أنه مع اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وجد الإخوان في الصراع فرصة لإعادة دخول المشهد من باب الدعم المعنوي والديني للمؤسسة العسكرية.
كيف يؤثر نفوذ الإخوان على أي دستور جديد؟
وقالت المصادر: إنه رغم تراجع الوجود العلني للتنظيم، فإنه ما يزال يمتلك قاعدة اجتماعية في ولايات عديدة و رموزًا دينية مؤثرة و شبكات ضغط داخل الجيش وفي بعض دوائر القضاء و كتلة إعلامية خارج السودان.
وأكدت، أن هذا النفوذ يُعقّد مهمة صياغة دستور يقرّ مبادئ مثل حياد الدولة تجاه الدين و ضمان حرية المعتقد و فصل التشريع المدني عن الفقه الديني و حماية النساء والأقليات من التشريعات التقييدية، كما يخشى الإخوان من أي نصوص دستورية تتعلق بالعلمانية لأنها تُهدد مشروعهم العقائدي بالكامل.
ما هي السيناريوهات المستقبلية لمسألة العلمانية في السودان؟
وترى المصادر، أن لمسألة العلمانية في السودان تعزيز مبادئ العلمانية بضغط دولي وإقليمي و قد ينجح المجتمع الدولي في فرض مبادئ دستورية واضحة ضمن أي اتفاق سلام، مثل فصل الدين عن الدولة و اعتماد قانون مدني موحد و الحد من نفوذ الجماعات الدينية في السياسة.
و السيناريو الثاني وفق المصادر وهو استمرار تأثير الإخوان وعودة “الدولة الدينية” بشكل ناعم وقد تنجح بقايا الإخوان بالتحالف مع قيادات داخل الجيش لفرض صيغة مبهمة والسيناريو الثالث صيغة وسطية – دولة مدنية غير علمانية.
واختتمت المصادر، أنه رغم النفوذ التاريخي للإخوان، فإن الحرب الحالية غيّرت المعادلة جذرياً، فالتنظيم لم يعد كتلة واحدة، والنظام السياسي نفسه أصبح مفتوحًا على إعادة تشكيل شاملة، لكن نجاح السودان في وضع دستور يضمن الحياد الديني للدولة يعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية منها نتيجة الحرب ومن سيحسم المشهد العسكري و قدرة القوى المدنية على توحيد موقفها تجاه العلمانية و الضغوط الدولية والإقليمية لإعادة بناء دولة حديثة.

