في تصعيد جديد يعكس توتر العلاقات بين الغرب وموسكو، وجه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو” مارك روته رسالة حازمة إلى الكرملين، مؤكدًا أن أي لجوء روسي لاستخدام السلاح النووي سيقابل برد غير مسبوق من الحلف.
وأكد روته، أن المناورات النووية السنوية الأخيرة التي نفذها الناتو أثبتت جاهزية التحالف وقدرته على مواجهة أي تهديد محتمل، مشيرًا إلى أن الحلف يتمتع بـ”ردع نووي موثوق وفاعل”، يشكل درع الأمان لأوروبا وشمال الأطلسي في مواجهة التهديدات الروسية المتنامية.
وقال الأمين العام -في تصريحاته-: إن نجاح التدريبات النووية الأخيرة “عزز الثقة في مصداقية الردع الجماعي”، مضيفًا أن الحلف “لن يسمح لأي قوة باستخدام الترهيب النووي كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية”.
مناورات “الرد الثابت”.. اختبار للجاهزية الاستراتيجية
شهدت المناورات التي حملت اسم “الرد الثابت” مشاركة واسعة من القوات الجوية والبحرية والبرية لعددٍ من الدول الأعضاء، وركزت على اختبار التنسيق العملياتي وأنظمة القيادة والتحكم النووي.
وأوضح بيان الحلف، أن الهدف من التدريبات هو تعزيز القدرة على الرد في حال وقوع تهديد استراتيجي، وتأكيد جاهزية القوات النووية التقليدية للتعامل مع مختلف السيناريوهات.
وأشار روته، إلى أن التمرين جاء في “توقيت بالغ الحساسية”، إذ تتزامن المناورات مع تصاعد التوتر في الحرب الأوكرانية واستمرار تهديدات موسكو باستخدام السلاح النووي التكتيكي، مؤكدًا أن “الردع النووي يظل حجر الزاوية في عقيدة الدفاع الجماعي للحلف”.
التهديدات الروسية تتصاعد
في المقابل، يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توجيه رسائل تحذير إلى الغرب، محذرًا من “عواقب كارثية” إذا استمرت واشنطن وحلفاؤها في تزويد كييف بالأسلحة المتطورة.
وفي تصريحات سابقة، لوح بوتين بإمكانية اللجوء إلى السلاح النووي إذا تعرضت روسيا لهجوم واسع، حتى وإن كان باستخدام أسلحة تقليدية، ما اعتبره مراقبون محاولة جديدة لابتزاز الغرب وردعه عن دعم أوكرانيا عسكريًا.
تزامن ذلك مع إعلان موسكو تطوير واختبار منظومات استراتيجية جديدة، منها صواريخ “سارمات” الباليستية العابرة للقارات، وتجارب على صواريخ «بوريفيستنيك» النووية بعيدة المدى، في خطوات رآها محللون إحياء صريحًا لأجواء الحرب الباردة.
رسالة الناتو: لا تصعيد ولكن لا تهاون
أكد روته، أن الناتو “لا يسعى إلى المواجهة مع روسيا”، لكنه شدد على أن الحلف “لن يقف مكتوف الأيدي أمام أي تهديد يمس أمن أعضائه”.
وأوضح، أن الردع النووي للحلف “ليس أداة هجوم، بل ضمانة للأمن الجماعي”، مؤكدًا أن الحلفاء متمسكون بالشفافية واحترام المعاهدات الدولية الخاصة بالحد من التسلح.
وأضاف:١ أن المناورات الأخيرة حملت “رسالة ردع واضحة”، مفادها أن أي اعتداء على دولة من الحلف سيواجه برد فوري وحاسم، مشددًا على أن وحدة الصف داخل الناتو هي السلاح الأقوى في مواجهة أي مغامرة روسية.
سباق التسلح يعود إلى الواجهة
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه العالم عودة تدريجية لسباق التسلح النووي، مع تزايد التوتر بين القوى الكبرى وظهور بؤر جديدة للصراع من شرق أوروبا إلى المحيط الهادئ.
ويرى مراقبون، أن الحلف يعيش واحدة من أدق مراحله منذ نهاية الحرب الباردة، إذ يواجه اختبارًا مزدوجًا يتمثل في ردع روسيا من جهة، ومنع انزلاق العالم نحو مواجهة نووية مفتوحة من جهة أخرى.

