تواجه ليبيا مجددًا خطر العودة إلى نقطة البداية، في ظل فشل مفاوضات توحيد السلطة وتزايد الانقسامات المؤسسية. لطالما شكلت طرابلس مركز الثقل السياسي والاقتصادي، لكنها تظل مهددة بشكل دائم بالانفجار والصراع المسلح، التهديد الأكبر ينبع من إمكانية عودة الميليشيات التي كانت تسيطر على مفاصل العاصمة، مستغلة أي فراغ سياسي أو أمني.
عودة إلى نقطة الصفر
وقالت مصار: إنه بعد أشهر من الاجتماعات والوساطات التي رعتها الأمم المتحدة وعدة دول إقليمية، لم تتمكن الأطراف الليبية من التوصل إلى توافق حول آلية اختيار حكومة موحدة تُمهّد للانتخابات العامة.
وترى المصادر، أن الفشل المتكرر في توحيد السلطة يعزز فرص تجدد المواجهات العسكرية، خصوصًا مع استمرار الانقسام المؤسساتي بين حكومتين متنافستين، إحداهما في طرابلس بقيادة الدبيبة، والأخرى في الشرق برئاسة أسامة حماد المدعوم من البرلمان، مؤكدة أن هذا التعثر السياسي يفتح الباب أمام عودة الميليشيات إلى الواجهة، باعتبارها اللاعب الأكثر تأثيرًا على الأرض، والقادرة على فرض واقع جديد بقوة السلاح لا عبر صناديق الاقتراع.
سلاح الفوضى المستمر
وأوضحت المصادر، أنه مع كل توتر سياسي، تُظهر المجموعات المسلحة قدرتها على تعطيل أي مسار لا يخدم مصالحها، سواء عبر الاشتباكات المحدودة أو التهديد بإسقاط الحكومة.
وتخشى المصادر من أن يؤدي فشل الحوار الحالي إلى انفجار مواجهة جديدة بين ميليشيا الردع وقوة دعم الاستقرار واللواء 444 قتال، وهي الفصائل الأكبر في العاصمة، ما يعيد ليبيا إلى دوامة الفوضى الأمنية التي تآكلت فيها سلطة الدولة بالكامل.
جرائم الميليشيات
وكشفت المصادر، أنه رغم محاولات حكومة الوحدة الوطنية إظهار نفسها كسلطة مدنية، فإن الميليشيات في طرابلس ومصراتة والزاوية تمارس نفوذًا ميدانيًا يشمل الاعتقالات التعسفية، والابتزاز المالي، والاختفاء القسري، وهذه الجرائم المستمرة تعرقل أي مسار للسلام، وتكرّس ثقافة الإفلات من العقاب في ظل ضعف القضاء وتواطؤ بعض الجهات الرسمية.
تحالف النفوذ والفساد بين الإخوان والميليشيات
وأكت المصادر، أنه منذ سقوط نظام معمر القذافي، حاولت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا السيطرة على المشهد السياسي عبر أدوات متعددة، منها الدعم المالي والإعلامي للميليشيات، وتغلغل كوادرها في المؤسسات الحساسة، فالإخوان، الذين خسروا جزءًا كبيرًا من حضورهم الشعبي بعد 2014، وجدوا في المجموعات المسلحة وسيلة لحماية مصالحهم ومنع قيام دولة مركزية قوية، هذا التحالف بين الإخوان والميليشيات يمثل أحد أخطر أسباب استمرار الفوضى في طرابلس، إذ يجمع بين المال والسلاح والدين لتقويض مسار الدولة المدنية.
ليبيا على مفترق طرق
واختتمت المصادر، أن ليبيا اليوم أمام مفترق طرق خطير، فإما أن تمضي في مسار بناء الدولة واستعادة الأمن، أو أن تعود إلى دوامة الفوضى والحروب التي دمرت مقدراتها، فبين جرائم الميليشيات، وتحالفات الإخوان، وانقسام المؤسسات، تبقى طرابلس مهددة بانفجار جديد ما لم يتحرك المجتمع الدولي والليبيون أنفسهم لإنقاذ بلادهم قبل فوات الأوان.

