تُواجه إيران منعطفًا حرجًا في ملفها النووي بعد أن فعّلت الترويكا الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) آلية إعادة فرض العقوبات الأممية المعروفة بـ”سناب باك” في 28 أغسطس الماضي. هذه الخطوة وضعت طهران أمام خيارات محدودة وصعبة، وسط تصاعد الضغوط الغربية وتراجع فرص التوصل إلى تفاهمات جديدة، في وقت تتداخل فيه التحركات الدبلوماسية مع التطورات العسكرية الأخيرة.
شروط الترويكا الأوروبية
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شدد على أن إيران لا تزال تملك فرصة لتجنب العقوبات إذا وافقت على شروط الترويكا الأوروبية، والتي تشمل:
السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى جميع المنشآت النووية.
معالجة المخاوف المرتبطة بمخزون اليورانيوم المخصب.
الانخراط في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.
لكن الموقف الإيراني لم يبدُ إيجابياً حتى الآن، إذ صرح نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، كاظم غريب آبادي، بأن بلاده ستلجأ إلى إنهاء “اتفاقية القاهرة” مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كخطوة أولى إذا أعيد فرض العقوبات.
الرهان على التصويت الروسي–الصيني
الخيار الآخر المتاح أمام طهران يتمثل في تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار روسي–صيني لتمديد رفع العقوبات. غير أن مصادر دبلوماسية اعتبرت أن فرص اعتماد القرار ضعيفة، لعدم توقع حصوله على تسعة أصوات من أصل 15.
بكين وموسكو كانتا قد رفضتا آلية “الزناد”، ووصفتاها بأنها غير قانونية، بينما سبق لمجلس الأمن أن منح الضوء الأخضر لتفعيلها قبل أسبوعين، تمهيداً لإعادة العقوبات بدءًا من منتصف ليل السبت بتوقيت غرينتش.
انتقادات متبادلة
ورغم تصريحات ماكرون التي أكد فيها أن تجنب العقوبات ما زال “ممكناً”، فإن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هاجم الموقف الأوروبي، مشيراً إلى أن بلاده تتبع نهجاً “مسؤولاً ونزيهاً” في الملف النووي، وذلك عقب لقائه نظيره البريطاني في نيويورك.
خلفية الاتفاق النووي والتطورات الأخيرة
يُذكر أن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 حدد أطر الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات، لكن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب، وأعادت فرض العقوبات على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع تدريجيًا عن التزاماتها.
وفي منتصف عام 2025 بدأت محادثات بين واشنطن وطهران لكنها تعثرت بعد الهجمات الإسرائيلية على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، ورد الأخيرة على تلك الضربات، قبل أن تدخل الولايات المتحدة على خط المواجهة وتقصف منشآت نووية إيرانية في يونيو الماضي، وهو ما أدى إلى تجميد المفاوضات بشكل كامل مع الغرب.