في خطاب جديد ألقى بظلاله على المشهد الإقليمي المتوتر، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن بلاده ستُواصل الوقوف “بحزم” في وجه الولايات المتحدة التي تسعى، بحسب تعبيره، إلى “إخضاع إيران”.
تصريحات خامنئي أعادت فتح ملف الصراع الطويل بين طهران وواشنطن، وكشفت عن أبعاد أعمق لمعادلة القوة والمواجهة، خصوصًا مع عودة الحديث عن احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية جديدة.
خطاب التحدي.. رفض المفاوضات المباشرة
خلال كلمة له في طهران، شدد خامنئي على أن الدعوات لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة لا تعبر إلا عن رؤية “سطحية”، مؤكدًا أن جوهر الأزمة يتجاوز القضايا الشكلية إلى محاولة واشنطن فرض إرادتها على إيران.
وأوضح خامنئي أن الشعب الإيراني “لن يقبل بأي إملاءات”، في إشارة واضحة إلى أن طهران لن تذهب إلى طاولة الحوار تحت الضغط أو التهديد.
تصريحات صفوي.. الحرب احتمال دائم
التصريحات الإيرانية التصعيدية لم تقتصر على خامنئي، إذ أكد اللواء يحيى رحيم صفوي، مستشار القائد العام للقوات المسلحة، أن إيران تعيش في “مرحلة حرب”، وليست في “وقف لإطلاق النار”، في ظل غياب أي اتفاقيات أو بروتوكولات مع واشنطن وتل أبيب.
وأضاف أن إسرائيل والولايات المتحدة تؤمنان بأن السلام لا يتحقق إلا بالقوة، ما يفرض على إيران أن تُكرس قوتها إقليميًا ودوليًا لمواجهة هذا الواقع.
المطالب الإسرائيلية والضغط المتصاعد
في موازاة الخطاب الإيراني، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائمة مطالب مباشرة لطهران، تضمنت التخلي عن تخصيب اليورانيوم، ووقف تطوير الصواريخ الباليستية، إضافة إلى إنهاء دعم الفصائل المسلحة كحزب الله وحماس والحشد الشعبي.
وحذر نتنياهو من أن عدم الامتثال لهذه المطالب يعني مواجهة عسكرية قاسية. هذه الشروط تزيد من حدة المواجهة السياسية والعسكرية وتؤكد أن الملف الإيراني لم يعد شأنًا إقليميًا فحسب، بل قضية دولية مفتوحة على السيناريوهات كافة.
ترامب.. “كشف المستور”
خامنئي أعاد التذكير بما قال إنه موقف صريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث اعتبر أن الأخير كشف عن الهدف الحقيقي من الصراع، وهو جعل إيران “مطيعة لأوامر أمريكا”.
وبرغم عدم تسجيل تصريحات رسمية لترامب بهذا المعنى، استشهد خامنئي بهذه الرواية للتأكيد على أن كل العناوين التي استخدمتها واشنطن سابقًا – من حقوق الإنسان إلى الديمقراطية والإرهاب – لم تكن سوى واجهة للهدف الأساس: إخضاع إيران.
وعلى صعيد المسار الدبلوماسي، لم تحقق المفاوضات بين إيران وثلاث حكومات أوروبية أي تقدم ملموس خلال الشهر الجاري، في وقت بقيت المباحثات مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف متعثرة.
هذا التعثر يزيد من احتمالية تجديد عقوبات الأمم المتحدة على إيران، ويُعزز مناخ العزلة الذي تواجهه طهران وسط الضغوط الغربية والإقليمية المتزايدة.
وحدة الداخل لمواجهة الخارج
خامنئي شدد في خطابه على أن أعداء إيران يسعون إلى إثارة الانقسامات الداخلية بعد فشلهم في هزيمتها بالحرب، داعيًا إلى تعزيز التضامن بين الشعب والمسؤولين والقوات المسلحة. وبذلك، يربط المرشد بقاء النظام واستمرارية المواجهة الخارجية بمدى تماسك الجبهة الداخلية.
ورسائل خامنئي حملت وضوحًا لا لبس فيه، حيث إن الصراع مع الولايات المتحدة ليس تفصيلًا ظرفيًا بل معركة هوية وسيادة.