على غرار حليفه رجب طيب أردوغان الذي اختار بلاده مسبقًا لتكون وجهته الأولى منذ بدء الجائحة العالمية، يزور غدًا أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني تركيا في أول زيارة خارجية له في ظل فيروس كورونا المستجد.
وأفادت صحيفة “ديلي صباح” التركية المقربة من الرئيس رجب طيب أردوغان، بأن الزيارة القطرية تأتي استعدادًا لعقد الاجتماع السادس للجنة الإستراتيجية العليا “التركية – القطرية”؛ حيث سيرأسها في العاصمة التركية أنقرة الرئيس التركي وأمير قطر.
وأوضحت أن الاجتماعات ستناقش خطوات زيادة تعزيز العلاقات التجارية الثنائية الحالية بين البلدَيْن البالغة 2.5 مليار دولار، لاسيما في قطاعات الطاقة والدفاع والغذاء. فضلاً عن التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون خلال الاجتماع، مشيرة إلى الزيارة القطرية ستناقش التطورات الإقليمية في سوريا وليبيا، في اجتماع ثنائي مقرر قبل انطلاق اللجنة.
كما ستشهد الزيارة مناقشة تفاصيل صفقة المليار دولار أميركي، الخاصة بشراء شركة قطر القابضة، التابعة لجهاز قطر للاستثمار، حصة تبلغ 42 % من مركز تجاري تركي “مولاستينيا بارك”، لتصبح شركة قطر القابضة شريكة مع شركة العقارات التركية Orjin Group، التي تمتلك نسبة الـ58٪ المتبقية من المركز التجاري.
وهو ما كان محل انتقاد ضخم في الداخل التركي، لاسيما من المعارضة، التي رفضت بيع فريد شاهنك رئيس شركة “دوغوش القابضة”، الموالي لحكومة أردوغان، حصته في مركز التسوق الشهير.
وقال فائق أوزتراق، متحدث حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، والمسؤول عن الشؤون الاقتصادية، لرئيس الشركة: “لقد بعتَ بالفعل حصتك التي تساوي 42% في مركز التسوق (أستينيا بارك) إلى قطر وما يحدث مجرد مهاترات!”.
وأضاف أوزتراق في رسالة حادة وجهها للحكومة التركية بطريقة ساخرة: “ما هذا الحب الذي تكنوه لقطر؟! فلتبيعوا تركيا إذًا لها، لقد مزقتم هذه الدولة ومواردها، وإلى أي مدى ستوزعون موارد الدولة للدوحة”.
وأشار إلى أن الرئيس التركي يهرع إلى الدوحة بسرعة قصوى عند كل ضائقة مالية للحصول على أموالها بسبب تحطيم الدولار أرقامًا قياسية في تركيا.
كما هاجم رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، أردوغان، بسبب التنازلات التي يقدمها إلى قطر، على حساب الشعب، في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، قائلاً: “ربحت شركة قطرية مناقصة بث المباريات التركية، مقابل 500 مليون دولار لنوادي كرة القدم، لكن الشركة رفضت الوفاء بالمبلغ بعد ارتفاع سعر الصرف، وقرر أردوغان التنازل عن 90 مليونًا من الـ500 مليون دولار لإرضاء قطر، بدلاً من تحسين أحوال العمال والتجار وأصحاب المقاهي والحلاقين والعاطلين الذين يعانون من الفقر”.
وأضاف “كليتشدار أوغلو” أن التنازلات التركية للشركة القطرية لم تتوقف عند هذا الحد، إذ قرر أردوغان محاسبة الشركة القطرية على أساس أن سعر الدولار بـ5.80 ليرة، على الرغم من وصوله إلى 7.88 ليرة، مشيرًا: “أي نوع من الصداقة تجمع قطر بالرئيس التركي؟! إنه لا يعطي المال للمهنيين ولا الموظفين ولا الفلاحين ولا المتقاعدين، لكن عندما يتعلق الأمر بقطر، يتنازل عن 90 مليون دولار بجرة قلم! وفي نفس الوقت يخفض سعر الدولار إلى 5.80 ليرة!”.
وخلال الأيام الماضية، سلطت الصحف التركية المعارِضة الضوء على تنامي نفوذ رجال الأعمال القطريين في تركيا، وتوسع قطر في استثماراتها العقارية والإعلامية والعسكرية هناك.
وكانت الليرة قد سجلت أدنى مستوى قياسي لها عند 8.58 مقابل الدولار في السادس من نوفمبر الجاري، حيث يشهد الاقتصاد التركي أزمة عملة ضخمة منذ أغسطس 2018، بسبب العقوبات الأميركية والعجز الحكومي في إدارة الأزمة، ما انعكس في تدهور مؤشرات اقتصادية كالعقارات والسياحة والقوة الشرائية، وارتفاع حاد بمعدلات التضخم في مقابله انخفاض ثقة المستثمرين والمستهلكين.