دخلت المواجهة بين الإدارة الأمريكية وتنظيم الإخوان المسلمين مرحلة جديدة تتجاوز الخطابات السياسية التقليدية، لتصل إلى عصب التنظيم، وهو النظام المالي المعقد.
وفي تطور لافت، بدأ الكونجرس الأمريكي تسليط الضوء على مسارين متوازيين يستخدمهما التنظيم الدولي للبقاء والتمويل، هما العملات الرقمية المشفرة والمنظمات غير الربحية.
لماذا يخشى الكونجرس العملات المشفرة؟
يرى خبراء في واشنطن أن التنظيم يستخدم المنصات اللامركزية للالتفاف على العقوبات المفروضة على بعض قياداته أو أذرعه المسلحة، وتُسهل العملات المشفرة نقل الدعم المالي بين القارات بسرعة فائقة، وهو ما يراقبه الكونجرس حاليًا عبر لجان الاستماع الخاصة بالأمن السيبراني والمالي.
أسباب التركيز على المنظمات غير الربحية
وقالت مصادر إن هذه المنظمات تستفيد من إعفاءات ضريبية ضخمة في الولايات المتحدة وأوروبا، مما يعني أن أموال دافعي الضرائب قد تساهم بطريقة غير مباشرة في دعم أنشطة مرتبطة بالتنظيم.
كما يتم استخدام بعض هذه الجمعيات لجمع تبرعات تبدو إنسانية في ظاهرها، لكنها تتدفق لاحقًا نحو حسابات تخدم التوسع السياسي والميداني للتنظيم، وتعمل هذه المنظمات كأدوات “ضغط” داخل أروقة صنع القرار، وهو ما يسعى الكونجرس لكشفه عبر تشريعات تفرض شفافية كاملة على مصادر التمويل الأجنبي.
خطة الكونجرس لتجفيف المنابع
لا يكتفي الكونجرس برصد المشكلة، بل بدأ بالفعل في صياغة تشريعات تهدف إلى “تفكيك الأخطبوط المالي“، منها قانون شفافية المنظمات الأجنبية، حيث يسعى المشرعون إلى فرض قوانين تلزم أي منظمة غير ربحية تعمل في أمريكا بالكشف الدقيق عن مانحيها، خاصة إذا كانت هناك شبهات تربطها بالتنظيم الدولي للإخوان أو دول داعمة له.
وهناك توجه لفرض قواعد (اعرف عميلك – KYC) أكثر صرامة على منصات تداول العملات الرقمية التي يثبت استخدامها من قبل كيانات مرتبطة بالإخوان، مع إمكانية تجميد المحافظ الرقمية المشبوهة.
ويضغط الكونجرس على مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة لإدراج المزيد من “الواجهات الاقتصادية” للإخوان على قوائم العقوبات، مما يؤدي إلى شلل مالي تام للشركات المرتبطة بهم.
هل يسقط النظام المالي للإخوان؟
وترى مصادر أن تركيز واشنطن على “المال” هو الضربة الأكثر إيلامًا للتنظيم، فبدون التمويل ستفقد الأذرع الإعلامية والسياسية والخيرية قدرتها على التأثير والحشد.
وتعيش الجماعة حاليًا حالة من القلق المالي نتيجة تجميد العديد من الحسابات في أوروبا والشرق الأوسط، والتحرك الأمريكي الأخير سيزيد من عزلتهم المالية.
ومع تشديد الرقابة في واشنطن، ستضطر الدول التي تستضيف استثمارات الإخوان إلى مراجعة حساباتها لتجنب التصادم مع الخزانة الأمريكية.
نهاية حقبة “التمويل الآمن”
إن حرب العملات الرقمية وتفكيك شبكات المنظمات غير الربحية يمثلان الفصل الأخير في محاصرة تنظيم الإخوان دوليًا، ولم يعد التنظيم قادرًا على الاختباء خلف الشعارات، حيث باتت “الدولار الرقمي” و”سجلات الجمعيات” هي الميدان الجديد للمعركة.
واختتمت المصادر أن الكونجرس الأمريكي، عبر تحركاته الوشيكة، يبعث برسالة مفادها أن “حقبة المداراة” قد انتهت، وأن استقرار الأمن القومي يمر حتمًا عبر تجفيف منابع تمويل التطرف بكافة أشكاله، سواء كانت ورقية أو رقمية

