القتال المحتد في السودان، الذي لم يهدأ رغم الهدنة، سقط ضحيته الكثير من الجنود والمدنيين، وفر خارج البلاد الآلاف من النازحين خشية على أنفسهم وذويهم، ليعانوا من أزمات جديدة خارج بلادهم بحثا عن الأمن والأمان والسلام.
وفي آخر إحصائية لأعداد النازحين، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، أن القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تسبب في نزوح أكثر من 1.3 مليون شخص.
وقالت المنظمة: إن “الاشتباكات أجبرت أكثر من مليون شخص على الفرار من منازلهم إلى مناطق أكثر أمنا داخل السودان”، فيما فر نحو 320 ألفا آخرون إلى دول مجاورة مثل مصر وجنوب السودان وتشاد وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا.
واندلع القتال في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”. وقتل الصراع 863 مدنيا على الأقل، من بينهم نحو 190 طفلا، وأصاب أكثر من 3530 آخرين، وفقا لأحدث إحصائيات من نقابة الأطباء السودانية.
وتستضيف مصر أكبر عدد من النازحين السودانيين، المقدر بنحو 132 ألفا و360 شخصا، وتليها تشاد بنحو 80 ألف شخص، ثم جنوب السودان بأكثر من 69 ألف شخص، وفقا للمنظمة.
واستمر القتال المتفرق في عدة مناطق، الأربعاء، بالرغم من هدنة أبرمت هذا الأسبوع. وأبلغ سكان عن سماع طلقات نارية وانفجارات في وسط الخرطوم، فضلا عن مناطق قريبة من منشآت عسكرية في أم درمان.
وكان وقف إطلاق النار لأسبوع، بوساطة سعودية وأميركية، قد دخل حيز التنفيذ، مساء الاثنين، في محاولة لتوصيل المساعدات الإنسانية للدولة التي يمزقها الصراع.
وحذَّر بيان من السعودية والولايات المتحدة، مساء الثلاثاء، من عدم التزام الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع بالهدنة قصيرة الأجل.
وقال البيان المشترك: إن “الشعب السوداني مستمر في معاناته نتيجة لهذا الصراع المدمر”، داعيا الطرفين المتناحرين إلى “الالتزام الكامل وتطبيق وقف إطلاق النار المؤقت لتوصيل الإغاثة الإنسانية المطلوبة بشدة”.
وفي وقت سابق الثلاثاء، حذر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الطرفين من عقوبات محتملة في حال انتهكا الهدنة.
وفاقم القتال الأوضاع الإنسانية المتردية في السودان؛ إذ قالت الأمم المتحدة: إن عدد المحتاجين للمساعدة زاد هذا العام بنسبة 57%، ووصل إلى 24.7 مليون شخص، وهو أكثر من نصف تعداد السكان في السودان، وأكدت المنظمة الأممية أنها ستحتاج إلى 2.6 مليار دولار لتقديم المساعدات الإنسانية.
وتم توقيع اتفاق مبادئ في جدة، والذي نص على أنه تعهد الطرفان بعدم السعي وراء تحقيق أيّ مكاسب عسكريّة على الأرض، بمعنى آخر وقف الاشتباكات.
وكانت القوتان العسكريتان الأكبر في البلاد اتفقتا على إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات وسحب القوات من المستشفيات والمرافق العامة الأساسية، وتسهيل المرور الآمن لمقدمي المساعدات الإنسانية والسلع.
وفتح هذا الاتفاق الذي تم برعاية سعودية أميركية باب أمل حول إمكانية تمهيده إلى احتمال إطلاق محادثات سياسية قد توصل إلى حل للأزمة الدامية التي غرقت فيها البلاد منذ 15 أبريل، وتعيد السودان إلى مساره الديمقراطي.
وأدى القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى انهيار القانون والنظام مع تفشي أعمال النهب التي يتبادل الطرفان اللوم بشأنها، وتتناقص مخزونات المواد الغذائية والنقدية والاحتياجات الضرورية سريعا.
ويذكر أن هذا النزاع المسلح دفع الملايين إلى النزوح واللجوء، فيما تتخوف الأمم المتحدة من أن يمتد فتيل الأزمة إلى دول الجوار، لاسيما بعد أن فشلت عدة هدن سابقة في الاستمرار.
وأفادت الأمم المتحدة بأنها تلقت تقارير عن وقوع “أعمال عنف مروعة على أساس الجنس” في السودان في غمرة البحث عن الإمدادات الغذائية بسبب المعارك الضارية في أنحاء البلاد.
وأوضحت أن أكثر من نصف سكان السودان البالغ عددهم 46 مليونا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، وأطلقت نداء لجمع ثلاثة مليارات دولار لتمويل المساعدات، وأبلغت مجموعات غير حكومية سودانية عن وقوع مثل هذه الحوادث وسط أعمال الفوضى والنهب في الخرطوم.
ومنذ 15 أبريل الماضي، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في البلاد يوم السبت في العاصمة وأماكن أخرى في الدولة الإفريقية؛ ما أثار مخاوف من اندلاع صراع أوسع، وأسفر القتال الدائر منذ منتصف أبريل عن مقتل المئات وإصابة آلاف آخرين وتعطل إمدادات المساعدات ودفع مئة ألف إلى الفرار.