يبدو أن العاصمة السودانية الخرطوم لن تشهد الهدوء حاليا على الإطلاق، فبعد دخول اتفاق جديد لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ رسمياً، ليل أمس الاثنين، إلا أنه وقعت رغم ذلك معارك وغارات جوية مدوية.
وأكدت مصادر سودانية أن دوي المدفعية والقصف وتحليق الطائرات بدد حالة الهدوء النسبي التي سادت الخرطوم مع دخول اتفاق جديد لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ رسميا.
كما أفادت وسائل إعلام محلية بأنباء عن سماع أصوات اشتباكات وغارات جوية جنوب العاصمة وفي الضواحي الشمالية الشرقية للخرطوم بعد الموعد المحدد للهدنة، بالإضافة إلى وقوع اشتباكات في منطقة الكدرو شمال الخرطوم بحري، ومواجهات في شارع الغابة وسط الخرطوم.
كما وقعت الاشتباكات أيضا في أم درمان وبحري، حيث إن أصوات النيران المستمرة بددت حالة الهدوء النسبي، وفي جنوب العاصمة، أفاد سكان عن “سماع أصوات غارات جوية بعد الموعد المحدد للهدنة”.
ويأتي ذلك بعد أن جدد الاتفاق الآمال في توقف الحرب، رغم أن القتال لم يهدأ نهائيا بين طرفي الصراع بالسودان؛ إذ تم سريان الهدنة التي تمتد أسبوعاً، رسمياً عند الساعة 19:45 بتوقيت غرينيتش، بعد يوم شهد تواصل الغارات الجوية والانفجارات في الخرطوم، إلا أنه يبدو مصيرها مهدد بأن يكون كسابقاتها.
وحذّرت الأمم المتحدة، على لسان مبعوثها إلى السودان فولكر بيرتس من “عرقنة متنامية” للنزاع الذي يشهده هذا البلد منذ أكثر من شهر، داعية طرفي القتال إلى التزام أحدث اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم بينهما.
كما حذّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن عدد الذين يلجؤون إلى تشاد هرباً من المعارك الدائرة منذ أكثر من شهر في السودان “يتزايد بسرعة كبيرة” وقد وصل ما بين 60 و90 ألف شخص فروا من السودان إلى تشاد المجاورة منذ اندلاع أعمال العنف الشهر الماضي. كما حذرت المفوضية التابعة للأمم المتحدة بضرورة نقل الوافدين الجدد بشكل عاجل إلى أقرب مخيمات للاجئين، خصوصا مع اقتراب موسم الأمطار.
وجاءت تلك الاشتباكات رغم الاتفاق الذي وقع في جدة، والذي نص على أنه خلال الـ48 ساعة المقبلة، أي من لحظة التوقيع إلى حين دخول الهدنة حيز التنفيذ غداً، يتعهد الطرفان بعدم السعي وراء تحقيق أيّ مكاسب عسكريّة على الأرض، بمعنى آخر وقف الاشتباكات.
وكانت القوتان العسكريتان الأكبر في البلاد اتفقتا على إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات وسحب القوات من المستشفيات والمرافق العامة الأساسية، وتسهيل المرور الآمن لمقدمي المساعدات الإنسانية والسلع.
وفتح هذا الاتفاق الذي تم برعاية سعودية أميركية باب أمل حول إمكانية تمهيده إلى احتمال إطلاق محادثات سياسية قد توصل إلى حل للأزمة الدامية التي غرقت فيها البلاد منذ 15 أبريل، وتعيد السودان إلى مساره الديمقراطي.
وأدى القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى انهيار القانون والنظام مع تفشي أعمال النهب التي يتبادل الطرفان اللوم بشأنها، وتتناقص مخزونات المواد الغذائية والنقدية والاحتياجات الضرورية سريعا.
ويذكر أن هذا النزاع المسلح حصد حتى الآن أكثر من 900 قتيل وآلاف الجرحى، كما دفع الملايين إلى النزوح واللجوء، فيما تتخوف الأمم المتحدة من أن يمتد فتيل الأزمة إلى دول الجوار، لاسيما بعد أن فشلت عدة هدن سابقة في الاستمرار.
وأفادت الأمم المتحدة بأنها تلقت تقارير عن وقوع “أعمال عنف مروعة على أساس الجنس” في السودان في غمرة البحث عن الإمدادات الغذائية بسبب المعارك الضارية في أنحاء البلاد.
وأوضحت أن أكثر من نصف سكان السودان البالغ عددهم 46 مليونا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، وأطلقت نداء لجمع ثلاثة مليارات دولار لتمويل المساعدات، وأبلغت مجموعات غير حكومية سودانية عن وقوع مثل هذه الحوادث وسط أعمال الفوضى والنهب في الخرطوم.
ومنذ 15 أبريل الماضي، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في البلاد يوم السبت في العاصمة وأماكن أخرى في الدولة الإفريقية؛ ما أثار مخاوف من اندلاع صراع أوسع، وأسفر القتال الدائر منذ منتصف أبريل عن مقتل المئات وإصابة آلاف آخرين وتعطل إمدادات المساعدات ودفع مئة ألف إلى الفرار.