رغم اتجارها بالحقوق والحريات بين الحين والآخر، إلا أن موقف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين متعارض بشدة مع ذلك ويحاول استغلال تلك المفاهيم لمصالحه الخاصة من أجل الوصول إلى السلطة وإقامة الدولة الإخوانية للانطلاق نحو قيادة العالم تحت شعار “أستاذية العالم” وفق أسس وأفكار مؤسسها حسن البنا.
وهو ما كشفته دراسة حديثة بعنوان “موقف جماعة الإخوان المسلمين من الحقوق والحريات… تعارض قيمي واستغلال مصلحي” أصدرها مركز “تريندز للبحوث والدراسات”، التي توصلت لتأكيد الانتهازية والبراغماتية القائمة على التقية السياسية والدينية التي تتعامل بها جماعة الإخوان المسلمين مع مفاهيم المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة، التي لا تؤمن بها.
ويعتمد الإخوان على ذلك باعتباره مجرد وسيلة فرضتها عليه الضرورة للوصول إلى السلطة، خصوصاً أنّه يعتقد أنّ وصولها إلى الحكم هو بمنزلة فرض عين عليها، لكونها صاحبة الرؤية الوحيدة الصحيحة للإسلام، وأنّها تمثل الطائفة المؤمنة.
وبحسب الدراسة تستغل الجماعة تلك المفاهيم خلال مرحلة الاستضعاف لترسيخ وجودها على الساحة، وتعزيز دورها في مواجهة النظام السياسي القائم، مـن خلال استغلالها في تشويه الأنظمة السياسية القائمة واتهامها بالاستبداد والدكتاتورية وعدم الديمقراطية، والتضييق على الحقوق والحريات.
كما أكدت الدراسة أنّه “عندما تكون الجماعة في السلطة، فإنّها تعمل على إقصاء المعارضة بشتى أشكالها وصورها، لقطع الطريق على أيّ تداول سلمي للسلطة، مستخدمةً في ذلك سلاح التكفير الديني عبر اتهامها بالوقوف ضد تطبيق الشريعة ومعاداة الإسلام؛ ما يجعل تلك القوى في مرمى نيران التكفير والتهديد”.
وأظهرت أدبيات جماعة الإخوان المسلمين تصورا لمفاهيم المشاركة السياسية وتداول السلطة، مغايرا للتصورات المتعارف عليها في مدارس العلوم السياسية المختلفة؛ إذ الجماعة تنطلق من رؤية سيد قطب الذي كان يرى أنّه لا يمكن أن يكون هناك نظام يحكم البلاد غير النظام الإسلامي، الذي تختفي معه كل القوانين الوضعية وتوجه فيه الضربات إلى القوى السياسية المعارضة.
ومن أبرز دلائل عدم إيمان جماعة الإخوان المسلمين بمفهومي المشاركة السياسية وتداول السلطة، هو عدم تطبيقها لهما داخل هيكلها التنظيمي؛ حيث تسيطر عليه الديكتاتورية القيادية وإقصاء المعارضة، وعدم السماح بوجود أيّ شكل من أشكالها، بالإضافة إلى أنّ تولّي المناصب القيادية يكون بناءً على الولاء للقيادة، وليس بناءً على الكفاءة، وفقاً للدراسة.
فيما استندت الدراسة إلى تجارب جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة مع المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة، أشارت إلى أنّ الجماعة لم تؤمن بتلك المفاهيم قَطُّ، نظراً لأنّ مرجعيتها الفكرية ترى أنّها مفاهيم غربية تتنافى مع الطبيعة السياسية للإسلام وأصول الحكم فيه، وأنّ التعامل معها يكون من باب الضرورات التي تبيح المحظورات، بعدما أصبحت تلك المفاهيم جزءاً من الفكر والممارسة السياسيين اللذين قامت عليهما الدولة الحديثة.
وعبر تحليل بعض النصوص المؤسسة لجماعة الإخوان المسلمين، يتضح أنّ الجماعة لا تؤمن بحرية التعبير ولا بحرية التفكير والبحث العلمي؛ لأنّهـا تعتقد اعتقاداً راسخاً أنّها تمتلك الحقيقة المطلقة، وأنّها الوحيدة التي تمثل الطائفة المؤمنة.
وتوصلت الدراسة الحديثة إلى أنّ التحولات ظاهرة مؤقتة شهدتها جماعة الإخوان المسلمين بإعلانها قبول بعض قيم الديمقراطية والحداثة -مثل الانتخابات- لم يكن من صميم فكر الجماعة، ولكنّه نوع من المراوغة والخداع لتحقيق أهدافها وأطماعها الخاصة بسهولة.