رغم الاتفاق على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بين طرفي الصراع يوم الخميس الماضي في السعودية، تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اليوم الأحد، قبيل انطلاق الجولة الثانية من المباحثات في مدينة جدة.
ووقعت الاشتباكات في مناطق متفرقة من العاصمة الخرطوم، وكان طيران الجيش السوداني قصف عدة مواقع تنتشر فيها قوات الدعم السريع، وسمع دوي انفجارات ناجمة عن أسلحة ثقيلة وسط الخرطوم، وشملت المواجهات أيضاً تقاطع ود البشير ومنطقة المهندسين في أم درمان، وأكد شهود عيان أن مناطق شمال بحري وغرب أم درمان شهدت إطلاق نار بشكل كثيف مع سماع دوي انفجارات وتحليق للطيران الحربي.
فيما تبادل الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” الاتهامات بشأن استمرار العمليات العسكرية، وقال الجيش في بيان له: “تستمر عمليات القصف العشوائي لقوات الدعم السريع على أجزاء من العاصمة، بجانب إجبار المواطنين على إخلاء منازلهم قسرا لاستخدامها في الأغراض الحربية بعدة أحياء في شرق النيل ووسط الخرطوم وبحري، واستمرار عمليات نهب الممتلكات العامة والخاصة وتخريب المرافق الخدمية”.
من ناحيتها، أفادت قوات الدعم السريع في بيان بقولها: “تتابع قوات الدعم السريع المحاولات الخبيثة التي تعمل قوات الانقلابيين والفلول الإرهابية على حياكتها في الظلام لتجريم قوات الدعم السريع في مسعى مكشوف لمداراة خيباتها وهزائمها على أيدي قواتنا الباسلة في المعارك الدائرة الآن، فلقد درج الانقلابيون من فلول النظام البائد طيلة سنوات حكمهم البغيض على انتهاج أساليب التضليل الرخيصة لمواجهة خصومهم وهو أمر ليس بغريب عليهم”.
وتدخل المواجهات بين الجيش والدعم السريع أسبوعها الخامس وسط تواصل الاتهامات بين طرفي النزاع بخرق الهدن المتتالية التي دعت لها أطراف إقليمية ودولية سابقاً؛ الأمر الذي يفاقم من معاناة السودانيين صحياً وإنسانياً وسط حالة من الإحباط تخيم عليهم بعد تجدد الاشتباكات، خصوصا بعد بصيص أمل إثر توقيع اتفاق جدة.
فيما يأمل المراقبون كثيراً ما ستفضي إليه الجولة الثانية من المحادثات بين الجيش والدعم السريع، التي ستنعقد اليوم في جدة، حيث سيتم بحث وقف إطلاق النار وتفعيل آليات المراقبة التي تم الإعلان عنها في بيان سابق لوزارة الخارجية الأميركية، وربما تسمية المسارات الآمنة بعد تسمية السلطات السودانية لمطارات وموانئ لاستقبال المساعدات.
وتم التوقيع على ما يسمى بإعلان مبادئ في السعودية، بعد ما يقرب من أسبوع من المحادثات بين الجانبين، إلا أنه لم تصدر حتى الآن بيانات عن أي من الطرفين تعترف بالاتفاق، وتضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه التزامات بالسماح بعبور آمن للمدنيين والمسعفين والإغاثة الإنسانية، وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمرافق العامة.
وقال مسؤولون أميركيون: إن التوقيع سيتبعه مفاوضات بشأن تفاصيل تأمين وصول المساعدات الإنسانية، ووقف لإطلاق النار لمدة تصل إلى 10 أيام لتسهيل تلك المهام.
وأكد إعلان جدة امتناع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن أي هجوم من شأنه أن يتسبب بأضرار مدنية، كما اتفق الجانبان على أن مصالح الشعب السوداني أولوية لهما، واتخاذ الجيش السوداني والدعم السريع جميع الاحتياطات لتجنيب المدنيين أي ضرر، والسماح لجميع المدنيين في السودان بمغادرة مناطق الأعمال العدائية والمحاصرة.
وشهدت الإعلانات السابقة لوقف إطلاق النار انتهاكات متكررة؛ ما ترك المدنيين وسط مشهد مرعب من الفوضى والقصف في ظل انقطاع إمدادات الكهرباء والمياه وشح الغذاء وانهيار النظام الصحي، ويلزم الإعلان الجانبين بإخلاء الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك المنازل التي يتهم أصحابها قوات الدعم السريع بشكل خاص باحتلالها، وينفي الدعم السريع هذه الاتهامات ويلقي بالمسؤولية على عناصر من الجيش وجماعات مسلحة أخرى.
وكان أرسل كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مفاوضين إلى السعودية السبت لإجراء مناقشات تمهيدية “فنية” فقط حول الممرات المؤمنة للمساعدات الإنسانية، لكن حتى الآن لم يصدر أي إعلان في جدة على البحر الأحمر حيث تجرى المحادثات.
ومنذ 15 أبريل الجاري، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في البلاد يوم السبت في العاصمة وأماكن أخرى في الدولة الإفريقية؛ ما أثار مخاوف من اندلاع صراع أوسع، وأسفر القتال الدائر منذ منتصف أبريل عن مقتل المئات وإصابة آلاف آخرين وتعطل إمدادات المساعدات ودفع مئة ألف إلى الفرار.
وقال الجيش السوداني: إن القتال اندلع بعد أن حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتها في الجزء الجنوبي من العاصمة، متهمة الجماعة بمحاولة السيطرة على مواقع إستراتيجية في الخرطوم، بما في ذلك القصر.
من ناحيتها، اتهمت قوات الدعم السريع، في سلسلة من البيانات، الجيش بمهاجمة قواتها في إحدى قواعدها بجنوب الخرطوم، وزعمت أنها استولت على مطار المدينة و”سيطرت بالكامل” على القصر الجمهوري بالخرطوم، مقر رئاسة البلاد، وجاءت الاشتباكات مع تصاعد التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة؛ ما أدى إلى تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع الأحزاب السياسية لإحياء التحول الديمقراطي في البلاد.