مع زيادة الاشتباكات العنيفة في السودان، امتدت الأزمة منذ نحو أسبوعين إلى إقليم دارفور المضطرب غربي البلاد، الذي تأزم الصراع فيه بعد عقدين من اندلاع حرب طاحنة هناك.
وشهد الإقليم أحداثا مضطربة، إذ قالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة حقوقية: إن 52 على الأقل قتلوا في هجمات “ميليشيات” مسلحة تسليحا قويا على الأحياء السكنية في مدينة الجنينة، بالإضافة إلى مستشفاها الرئيسي وسوقها الرئيسية والمباني الحكومية، وعدة ملاجئ للنازحين الداخليين.
وقال أحد السكان، وقد طلب عدم نشر اسمه خشية البطش به: إن “رجال ميليشيات من قبائل عربية بدوية دخلوا مدينة الجنينة، حيث تسبب القتال بين قوات الدعم السريع والجيش في فراغ أمني في الأيام القليلة الماضية”، وسط مخاوف من أن تسوء الأوضاع الأمنية أكثر.
وأضاف أن “مسلحون من قبيلة المساليت تصدوا لهم، وامتدت الاشتباكات عبر المدينة، مما تسبب في موجة نزوح جديدة”.
وتقع الجنينة في أقصى غرب السودان، وشهدت نزاعات قبلية متكررة في السنوات القليلة الماضية مما أدى إلى طرد سكان من منازلهم مرات كثيرة.
وتكتسب دارفور أهمية إستراتيجية لطرفي الصراع المتحاربين في السودان، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حيث بنى الرجلان حياتهما المهنية في دارفور.
وبينما يحاول الجيش الآن طرد مقاتلي قوات الدعم السريع من مواقعهم في الخرطوم، فإن الأخيرة يمكن أن تعود إلى جذورها في دارفور، في محاولة لإعادة ترتيب صفوفها والحصول على مزيد من التعزيزات.
وسبق أن اندلع الصراع في دارفور عام 2003، حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد، قوات الدعم السريع حاليا، التي اشتهرت بامتطاء الخيل في أعمال عنف أدت إلى مقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد الملايين، ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فإن الصراع مستمر منذ ذلك الوقت، كما تصاعدت حدة العنف على مدى العامين المنصرمين.
وتزامنا مع ذلك، رحب الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة ودول اللجنة الرباعية بتمديد وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، من قبل الطرفين المتحاربين في السودان، داعين إلى تنفيذه بالكامل.
وجاء في بيان صادر عن الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات والسعودية، وكذلك عن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، إنها ترحب أيضا باستعداد الطرفين لبدء حوار من أجل وقف أكثر استدامة للأعمال القتالية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق.
ونص البيان المشترك على أنه: “يرحب أعضاء الآلية الثلاثية (الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والأمم المتحدة)، والمجموعة الرباعية، بإعلان القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع عن تمديد وقف إطلاق النار الحالي لمدة 72 ساعة إضافية والدعوة إلى تنفيذه بالكامل”.
ومنذ 15 أبريل الجاري، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في البلاد يوم السبت في العاصمة وأماكن أخرى في الدولة الإفريقية، مما أثار مخاوف من اندلاع صراع أوسع.
وقال الجيش السوداني إن القتال اندلع بعد أن حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتها في الجزء الجنوبي من العاصمة، متهمة الجماعة بمحاولة السيطرة على مواقع إستراتيجية في الخرطوم، بما في ذلك القصر.
من ناحيتها، اتهمت قوات الدعم السريع، في سلسلة من البيانات، الجيش بمهاجمة قواتها في إحدى قواعدها بجنوب الخرطوم. وزعمت أنها استولت على مطار المدينة و”سيطرت بالكامل” على القصر الجمهوري بالخرطوم، مقر رئاسة البلاد، وجاءت الاشتباكات مع تصاعد التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع الأحزاب السياسية لإحياء التحول الديمقراطي في البلاد.