هزائم وإخفاقات ضخمة داخليا وخارجيا تلقتها جماعة الإخوان في عام 2022 الذي أوشك على الانصرام، إذ رفضتهم الشعوب العربية والأجنبية، بينما عانوا من الأزمات الداخلية، لاسيما بقلب قارة إفريقيا التي شهدت نهايتهم سياسيا؛ ما يؤكد أن العام المقبل سيشهد اختفاء شبه كلي للجماعة.
وكانت إفريقيا تعد الملاذ الآمن لحركة الإخوان، والمخبأ السري للهروب من الملاحقات الأمنية في أي دولة عربية، إذ حاول الإخوان أن يتمركزوا في غرب القارة السمراء على أمل أن تكون غرفًا آمنة يلوذ بها أفراد التنظيم.
وعبر مكتب الإرشاد الدولي، عينت الجماعة نائبين لمسؤول مكتب إفريقيا في مصر، أحدهما يُدعى محمد هلال، نائباً لقطاع شرق إفريقيا، والثاني هو ناصر منصور نائباً لقطاع غرب إفريقيا بهدف البدء في التوسع للعمل بإفريقيا.
ومؤخرًا تمكنت الجماعة من إقامة مشروعات اقتصادية كبيرة تحسبا لأي مشاكل جديدة تحدث في تركيا، وبدأوا بالنزوح إلى صوماليلاند إحدى المناطق الاقتصادية الرخوة دون وجود تعقيدات فأنشأوا شركات تجارة الحلال، وكذلك في كينيا، تزامنا مع خروج عدد كبير من الإخوان من تركيا إلى أماكن متفرقة في إفريقيا العام الماضي مستغلين بعض الجمعيات التي تعمل في الإغاثة الإنسانية.
وخلال تلك السنة، شهد الإخوان في مصر تكرار سقوطهم وفشلهم، إذ بعد حوالي التسع سنوات من محاولاتهم الفاشلة، حاول الإخوان العودة للمشهد المصري عبر التسلل إلى الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في رمضان الماضي، محاولين إعادة تدوير أنفسهم وارتداء قناع المعارضة، فكانت الهزيمة الشعبية والدرس القاسي، بعد رفض الشعب دعوتهم للحوار الوطني، وأصر على استمرار تصنيفهم كجماعة إرهابية تلوثت أيديها بدماء الأبرياء المصريين.
ولم يفقد الإخوان الأمل في العودة ولو عبر إسقاط الدولة، فحاولوا تأجيج الغضب في الشارع المصري مستغلين الأوضاع الاقتصادية التي يتعرض لها البسطاء، فأنفقوا أموالهم ووقتهم، وافتتحوا فضائيات واشتروا أقلاما سخروا أصحابها لحث الشعب على الخروج في مظاهرات فوضوية في 11 نوفمبر الماضي، ولكنهم لم يجدوا سوى الرفض، وأعطاهم الشعب درسا في الوطنية لكنهم كعادتهم لم يتعلموا الدرس.
وفي تونس، أجرت البلاد أولى جولات الانتخابات النيابية، استعدادا لبرلمان خالٍ من الإخوان، فيما رفض الشعب التونسي مجددا الانخراط في دعواهم للتظاهرات، لتبدأ بعد ذلك السلطات التونسية التحقيق مع عناصر الإخوان بعد كشف حقيقة وجود تنظيم سري مسلح متهم باغتيال معارضين لهم، بينما تعرض راشد الغنوشي، زعيم إخوان تونس، للتحقيق في اتهامه بالتعامل مع تنظيمات إرهابية وتسهيل نقل الأفراد إلى سوريا والعراق، وتحريضه على الإرهاب.
كما شهدت حركة النهضة العديد من الانشقاقات وخروج عدد من القيادات من عباءة الإخوان لتكوين كيانات سياسية جديدة، رفضها الشعب التونسي الذي يرى أنها مجرد محاولة لتغيير اللافتة والهروب والتنصل من جرائم حركة النهضة الإخوانية، وكان درسًا تونسيًا على الطريقة المصرية.
والحال نفسه في المغرب، تعرض حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لإخوان المغرب لهزيمة ساحقة، بعد سقوطهم المدوي في الانتخابات التشريعية عام 2021، وتراجع إلى المرتبة الثامنة برصيد 12 مقعدًا فقط من أصل 395، بعدما كان متصدّرًا في انتخابات 2016 بـ125 مقعدًا.
وخلال 2022، استمر الرفض الشعبي للحركة ورموزها واتجاهاتها وأفكارها، حتى في الانتخابات التي تمت في الدوائر الأربع التي تم إعادة التصويت فيها بأمر من المحكمة الدستورية، بعد أن وجدت الهيئة القضائية أنّه تم ارتكاب عدد من المخالفات، وأمرت بإعادة الانتخابات، على 7 مقاعد لم يفز العدالة والتنمية بأي منها.
وتسببت الهزائم المتتالية بإصابة الجماعة بحالة من التصدع والانشقاق الداخلي والهجوم المتبادل بين قياداتها، حيث هاجم عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية الأسبق، والأمين العام الحالي لحزب “العدالة والتنمية” الإخواني، سياسة سعد الدين العثماني رئيس الحكومة السابق واتهمه بأنه هو المتسبب في تلك الخسارة، وأمام التلاسن بين قادة الإخوان، فقدت الجماعة أي رصيد لدى الشعب المغربي الذي بات ينبذهم الآن سياسيًا واجتماعيًا فضلًا عن اتهام قوى سياسية مغربية للإخوان بتخريب الاقتصاد والحياة الاجتماعية.