بعد وفاة القيادي الإخواني إبراهيم منير، تفاقمت الخلافات الداخلية بين أعضاء الجماعة حول منصب نائب مرشد التنظيم (القائم بالأعمال) بين جبهتي لندن وإسطنبول بصورة أكبر من ذي قبل، ما يظهر وجود ارتباك داخل التنظيم خاصة بين جبهة لندن أو أن ذلك فقط محاولة لالتقاط الأنفاس بعد أشهر من الانقسامات.
وأعلنت جبهة لندن الشهر الماضي عن تولي محيي الدين الزايط (وهو نائب رئيس الهيئة العليا بتنظيم الإخوان، التي تقوم بمهام مكتب الإرشاد) منصب القائم بأعمال المرشد والمهام الإدارية للتنظيم (مؤقتاً) بعد وفاة إبراهيم منير، لحين انتخاب قائم بأعمال المرشد، لتخرج بعدها بساعات وتعلن جبهة إسطنبول تعيين محمود حسين قائماً بأعمال المرشد. واستند مجلس الشورى العام (التابع لجبهة إسطنبول) في ذلك القرار إلى أن اللائحة تنص على أنه في حال حدوث موانع قهرية، حسب وصفها، تحول دون مباشرة المرشد لمهامه، يحل محله نائبه الأول، ثم الأقدم فالأقدم من النواب، ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء (مكتب الإرشاد).
ويرى فريق من الخبراء السياسيين أن الانقسام بين (الإخوان) الآن هو حالة من الارتباك بشكل كبير، خاصة داخل (مجموعة لندن) لعدم حسم منصب القائم بالأعمال، إذ إنه حتى الآن لا يوجد قول حاسم بشأن المرشحين المحتملين لخلافة منير، بسبب أن إبراهيم منير لم يترك قيادة لها ثقل تنظيمي طوال السنوات الماضية تصلح لخلافته، بينما الأسماء التي تتردد داخل (مجموعة لندن) سواء صلاح عبد الحق، أو حلمي الجزار، أو محمد البحيري، أو محمود الإبياري، أو الزايط، ترتبط بمجموعات داخل الجبهة، فضلاً عن وجود قيادات لا يمكن إغفالها (داخل دائرة الاختيارات) وهي تقيم خارج لندن، وأن الخلاف بين (قيادات الإخوان) قد اتسع بشدة بعد منير، وكانت هوة الخلاف قد اتسعت في وقت سابق بعد توقيف محمود عزت (محبوس في مصر).
ويرى مراقبون أن (مجموعة لندن) إزاء تحركات (مجموعة إسطنبول) تعيش حالة (ارتباك)، وعدم وجود قيادات كاريزمية بنفس ثقل منير لخلافته على رأس الجبهة؛ فالأسماء المرشحة لخلافة منير تعاني من إشكالات تحول دون تأديتها الأدوار نفسها التي كان يقوم بها إبراهيم منير.
فيما ذكر بيان أخير لجبهة إسطنبول أن تنظيم (الإخوان) في مصر وفروعه بالخارج، الوحيد المخول له اختيار قيادته، وليس من حق أحد خارجه أن يفرض عليه قيادة بالمخالفة لكل النظم واللوائح، وأوضح البيان أنه يرفض استدعاء قيادة مزعومة لتكون بديلاً عن قيادات التنظيم الشرعية.
وتفاقم الخلاف بين جبهتي لندن وإسطنبول خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقام بتشكيل هيئة عليا بديلة عن مكتب إرشاد الإخوان، وتبع ذلك تشكيل جبهة لندن لمجلس شورى جديد، وإعفاء أعضاء مجلس شورى إسطنبول الستة، ومحمود حسين من مناصبهم.
ويتوقع الخبراء استمرار الأزمة داخل (مجموعة لندن) على من سيخلف منير بسبب الخلافات؛ والحل قد يكون سهلاً في انتهاء هذا الخلاف، حال التوافق على (شخصية توافقية) لفترة (انتقالية) لحين ترتيب الأوضاع داخل التنظيم، خاصة أن المهلة التي حددتها (مجموعة لندن) انتهت منذ فترة ولم يتم الإعلان عن أي إجراءات جديدة.
وانتهت المهلة التي حددها الزايط لاختيار قائم بأعمال المرشد العام بشكل دائم خلفاً لمنير. وكان الزايط قد أكد بعد ساعات من وفاة منير، في 4 نوفمبر الماضي، خلال لقاء مع قناة الجزيرة القطرية أنه سيتولى القيام بالمهام الإدارية داخل (الإخوان) مؤقتاً حتى يتم استكمال المؤسسات الداخلية للتنظيم، وأضاف الزايط أن (جبهة لندن) سوف تعلن خلال أقل من شهر (كافة الأمور الإدارية الجديدة)، لكن مر ما يقرب من 45 يوماً على تصريحات الزايط، من دون حدوث أي إجراءات جديدة.
وأكدت مصادر مطلعة على الإخوان أن انتهاء المهلة التي حددها الزايط لاختيار (جبهة لندن) قائماً بأعمال المرشد بشكل دائم، هي التي تدفع (مجموعة إسطنبول) للتصعيد دائماً، خاصة بعدما تردد وجود (انقسام) حول من سيخلف إبراهيم منير داخل الجبهة.