قبل ساعات معدودة من انطلاق مونديال ٢٠٢٢ في قطر، تطارد الدوحة الأزمات والانتهاكات الضخمة التي لم تعترف بها حتى الآن، وعلى رأسها معاناة أهالي العمال الوافدين المتوفين فيها بسبب معاناتهم البالغة في قطر سواء من ظروف العمل المشينة أو ارتفاع درجات الحرارة أو الإهمال الصحي وغيرها.
ورغم المطالبات بتحسين شروط عمل المهاجرين في قطر، والوعود السابقة بتحسين تلك الأوضاع، في تصريحات لرئيسة الاتحاد لفرانس برس شهر أكتوبر الماضي، أطلقت قطر تحسينات ظاهرية لم يتم تنفيذها بالكامل.
لذا أكدت هيومن رايتس ووتش، أن السلطات القطرية أطلقت إصلاحات في مجال العمل والكفالة، لكن العديد من العمال الوافدين لم يستفيدوا، إما لأن الإصلاحات أتت متأخرة، أو لسوء تنفيذها.
ويطالب العمال المهاجرون وعائلاتهم بتعويضات من “الفيفا” وقطر عن الانتهاكات، الوفيات غير المفسرة، التي تعرض لها العمال أثناء تجهيز البنيات التحتية لكأس العالم.
وقُبيل انطلاق منافسات البطولة، اليوم الأحد، أصدرت هيومن رايتس ووتش فيديو مدته خمس دقائق يطالب فيه العمال وعائلاتهم ومشجعو كرة القدم من الدول الأصلية للعمال، بتعويض الضحايا.
ويشكل العمال المهاجرون الغالبية العظمى من سكان قطر، حيث يعمل العديد من العمال النيباليين والبنغلاديشيين والباكستانيين والهنود في وظائف منخفضة الأجر، في قطاع البناء وغيره، ولعبوا حسب واشنطن بوست، دورا مركزيا، في تشييد البنية التحتية للمونديال، ليس فقط الملاعب ولكن الطرق السريعة وخطوط المترو والفنادق.
ويمثل الهنود أكبر مجموعة مهاجرة في قطر؛ وقالت وزارة الخارجية الهندية: إن قرابة 2400 من مواطنيها لقوا حتفهم في قطر بين عامَيْ 2014 و2021، دون تحديد سبب الوفيات.
وأضافت الوزارة الهندية في فبراير، أن قطر تصدرت قائمة الدول التي يطالبها الهنود بتعويضات عن وفيات العمال، مع وجود 81 حالة معلقة.
في هذا الجانب، يقول ريجيمون كوتابان، صحفي هندي يغطي قضايا المهاجرين: إن الحكومة الهندية كانت مترددة في تقديم معلومات أكثر تفصيلا، مضيفا لهيومن رايتس ووتش، أن سلطات بلاده “تتدخل في البيانات للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية والصداقة الطيبة” مع قطر.
وأضاف أنه بالنظر إلى أن الشهادات التي تصدر عن قطر غالبا ما تشير إلى أن أسبابا طبيعية وراء الوفيات، يبقى من الصعب إثبات أسباب وفاة العمال، بالرغم من تأكيد أسر وزملاء الضحايا أنها “الرطوبة أو العمل الإضافي أو الإجهاد والضغط النفسي”.
وينحدر مارافيني الذي توفي شهر مارس، من قرية شيفانغالابالي في جنوب الهند، ويعمل مع شركة بوم كونستراكشن في قطر منذ عام 2007، وفقا لنسخة من رسالة أرسلتها الشركة إلى زملائه في العمل بعد وفاته وراجعتها صحيفة واشنطن بوست.
وبحسب الصحيفة ذاتها، “لم ترد الشركة على الطلبات المتكررة للتعليق أو على قائمة الأسئلة التفصيلية حول تاريخ توظيف مارافيني أو ظروف وفاته”.
وقال موظف في الشركة لمراسل “واشنطن بوست” الذي زار مكاتب الشركة في الدوحة يوم الخميس: إن رئيس الموارد البشرية، الذي كتب الرسالة، “لا يتواجد في المكتب”.
وتقول لافانيا، 36 سنة: إن زوجها الراحل كان يعمل في دوام يمتد إلى 12 ساعة وأحيانا أكثر، مشيرة أن الفترة التي سبقت كأس العالم، عُرفت بازدياد ضغط العمل بشكل كبير، وفي درجات حرارة تتجاوز 43 درجة مئوية.
من جانبه، قال عامل آخر من معارف مارافيني تحدث للصحيفة، شريطة عدم الكشف عن هويته: “هناك الكثير من الأعمال التي تجري في قطر بوتيرة سريعة للغاية”.
وأضاف العامل الذي يشتغل في شركة مختلفة في قطر: “في العادة أعمل في دوام من ثماني ساعات، لكنني الآن أعمل 12 ساعة في اليوم”.
وبالنسبة لعائلة مارافيني، تشير الصحيفة إلى أن حياتها، تغيرت بشكل كلي. وقالت لافانيا: إنه بدون تحويل 350 دولارا شهريا من زوجها، تعيش الأسرة اليوم على 80 دولارا تكسبها كل شهر، عن طريق لف السجائر يدويا.
وأُجبر الأطفال الثلاثة – أحدهم يعاني من تشوه خلقي – على ترك مدرستهم الخاصة والذهاب إلى مدرسة عمومية، بحسب زوجة الراحل التي تقول: “هل يمكنك تخيل حياة أرملة؟” إنها “تبدو الحياة بلا معنى بدونه، ولا أرغب في العيش وهو غير موجود، لكن لا بد لي من ذلك.. من أجل أطفالنا”.