في ظل الأحداث والخلافات العديدة التي تشهدها إيران، ترى الصحف الأجنبية، أن النظام يعاني من فجوات ومشاكل جمة قد تنبئ بقرب انهياره.
وأكدت مجلة “إيكونوميست” أن الاحتجاجات الإيرانية تكشف أن خامنئي ونظامه يواجهان مشاكل أعمق من أي وقت مضى، وعلى الرغم من أن الاحتجاجات قد يتم إسكاتها مثل السابق، لكن هذه المرة هناك أمل أن تستمر.
وأضافت المجلة: أن “بداية نهاية النظام الإيراني باتت وشيكة”.
كما أكد موقع “أن بي سي نيوز” أنه في مواجهة موجة من الغضب الشعبي، قد يخوض النظام الإيراني معركة من أجل بقائه على المدى الطويل، مضيفا أنه في كل ليلة في طهران، عندما تدق الساعة التاسعة، يصعد الإيرانيون إلى أسطح المنازل والنوافذ، وتردد أصواتهم في جميع أنحاء المدينة، بهتافات “الموت للديكتاتور!” يصرخون مع الشعار الذي أصبح صرخة حشد لأكثر من شهر من الاحتجاجات، “امرأة، حياة، حرية!”.
ويمكن سماع نفس الهتافات في الاحتجاجات اليومية في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد، وهي موجة من الغضب العام التي يبدو أنها تكتسب زخمًا حتى في مواجهة حملة القمع العنيفة من قِبل قوات الأمن والقوات شبه العسكرية المدججة بالسلاح، ويبدو أن كل يوم يجلب إذلالًا آخر للنظام.
من الكتابة على الجدران المناهضة للحكومة إلى الطلاب الذين يضايقون المسؤولين الحكوميين، إلى النساء اللاتي يمشين في الشارع دون الحجاب إلى العمال يضعون أدواتهم، يبدو النظام الإيراني في حيرة متزايدة من الأحداث.
ويقول المراقبون الذين يدرسون إيران ونشطاء حقوق الإنسان والمحللون السياسيون والمسؤولون الأميركيون والإيرانيون على الأرض، إن الاحتجاجات تمثل لحظة ثورية محتملة، وإن المواطنين الإيرانيين مستعدون بشكل متزايد للمخاطرة بحياتهم من أجل القضية.
كانت هناك احتجاجات كبيرة من قبل، لكن الاحتجاجات هذه المرة مختلفة، كما يقول الإيرانيون، لأن الحركة تتجاوز الطبقية والجغرافيا، والمطالب سياسية صريحة، تدعو إلى إنهاء النظام وليس الإصلاحات أو رفع الأجور.
لكن النظام أظهر استعداده لإطلاق العنان للقوة المميتة لقمع الاحتجاجات، باستخدام الذخيرة الحية والطلقات النارية والكريات والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والهراوات لدحر المتظاهرين، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان، وتقول الجماعات الحقوقية: إن آلاف الأشخاص اعتقلوا، بمن فيهم قادة المجتمع المدني والعمالي، وقتل عدد غير معروف بالرصاص أو بالضرب.
قالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج ووكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان ومقرها الولايات المتحدة يوم الجمعة: إن أكثر من 250 متظاهرا قتلوا في الأسابيع الستة منذ بدء الاحتجاجات. وبحسب منظمة العفو الدولية، تشمل حصيلة القتلى أكثر من 20 متظاهراً تقل أعمارهم عن 18 عاماً. وقالت السلطات الإيرانية الشهر الماضي: إن عدد القتلى في تلك المرحلة بلغ 41 شخصا بينهم ضباط أمن.
ولفت الموقع الإخباري أنه نجا النظام من احتجاجات الشوارع من قبل باستخدام العنف والسجن والرقابة لإسكات المعارضة، ولا تزال الحكومة تحتفظ بدعم شريحة كبيرة من السكان، وخاصة أولئك الذين لهم صلات ببيروقراطية الدولة.
ورفض المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي، صاحب الكلمة الأخيرة في النظام الديني الإيراني، الاحتجاجات ووصفها بأنها “أعمال شغب متفرقة” ينظمها أعداء إيران، لكن الاحتجاجات تمثل أخطر تحدٍ للثيوقراطية منذ ثورة 1979 وما بعدها، ويمكن أن تكون بداية لانهيار النظام – على الرغم من أن هذه العملية قد تستغرق شهورًا أو سنوات لتنتهي، على حد قول الخبراء والمسؤولين الأميركيين.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن لشبكة “أن بي سي نيوز”: “هناك فصل متزايد بين الدولة والمجتمع، ويتسع في ظل إدارة (الرئيس الإيراني) رئيسي، لديك تآكل في شرعية النظام، وهذا يتعلق أساسًا بالتهديدات بالقوة”.
فيما قالت رويا هاكاكيان، الكاتبة الإيرانية الأميركية التي التقت مؤخرًا بمسؤولي إدارة بايدن إلى جانب نشطاء آخرين، إن الاحتجاجات كانت بداية لثورة “حول الديمقراطية في أنقى صورها – الرغبة في حياة طبيعية”.
وتابعت: “الأساس الثقافي موجود وقد حدث بالفعل التحول من التفكير الديني إلى التفكير الديمقراطي، ولكن متى وكيف سينجحون بشكل عملي هو مسألة وقت والتقاء قوى أخرى”.
ويمكن للحكومة الإيرانية أن تقرر نشر المزيد من القوة الفتاكة لمحاولة إخماد الاحتجاجات، لكن هناك خطر من أن يأتي العنف الشامل – خاصة ضد الشابات – بنتائج عكسية، ويؤدي إلى رد فعل هائل في الشوارع، على حد قوله.