في ظل الأزمة المتفاقمة بين لبنان والسعودية، تحاول بيروت التقرب للمملكة بكل السبل، في محاولة لاحتواء التصريحات المسيئة لجورج قرداحي.
ولذلك، أعرب لبنان عن إدانته واستنكاره للمحاولة الفاشلة من جماعة الحوثي الانقلابية لاستهداف جنوب السعودية بواسطة طائرتين مفخختين.
وأكدت وزارة الخارجية اللبنانية تضامن بيروت مع السعودية في وجه أي اعتداء يطال سيادتها وأمنها ومنشآتها المدنية بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية، مؤكدة: “تضامن لبنان الكامل ووقوفه إلى جانب المملكة، شعبًا وحكومة”.
كما أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أنه بحث مع الرئيس ميشال عون سبل الخروج من الأزمة الحالية مع السعودية ودول الخليج، موضحا أنه اتفق معه على “خارطة طريق” لم يفصح عنها.
وأكد أنه سيلقي كلمة في وقت لاحق من اليوم حول الأزمة، دون مزيد من التفاصيل.
ويأتي ذلك بعد أن أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية، عن اعتراض وتدمير طائرتين مسيرتين مفخختين أطلقتهما جماعة “أنصار الله” باتجاه مدينة جازان جنوب غربي المملكة.
وقال التحالف: إن “الدفاعات الجوية تعترض وتدمر طائرتين مسيّرتين مفخختين أطلقتهما الميليشيات الحوثية تجاه جازان”.
وأثار جورج قرداحي الجدل بتصريحات حول حرب اليمن، حيث زعم أن “السعودية والإمارات تعتديان على الشعب اليمني”، وأن الحوثيين يمارسون “الدفاع عن النفس”، وهي تصريحات كشفت ميوله تجاه إيران وأنها رد جميل وحسن الطاعة لطهران مقابل تمكينه من الوزارة، بما يضمن سيطرة إيران وأدواتها في لبنان .
وقال أيضا قرداحي في تصريحات مسجلة لبرنامج “برلمان شعب” الذي يبث على قناة “الجزيرة” القطرية، حيث يلقى دعمًا كبيرًا من الدوحة: إن “الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف”.
كما ادَّعى أن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي”، زاعمًا: “فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمرا، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات”.
وعقب تلك الموجة من الجدل والغضب، قدم قرداحي اعتذارًا على حسابه عبر “تويتر”، قائلاً: إن “مقطع الفيديو المتداول كان في مقابلة أجراها مع قناة الجزيرة أونلاين، ببرنامج برلمان الشباب، في 5 أغسطس الماضي، أي قبل شهر من تعيينه وزيرًا في الحكومة اللبنانية”.
وأضاف أنه “لم يقصد بأي شكل من الأشكال، الإساءة إلى السعودية أو الإمارات، مضيفا أنه يكنّ لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء”، مؤكدًا أن “الجهات التي تقف وراء هذه الحملة أصبحت معروفة، وهي التي تتهمه منذ تشكيل الحكومة بأنه آتٍ لقمع الإعلام”.
وأوضح أن “ما قاله بأن حرب اليمن أصبحت حربا عبثية يجب أن تتوقف، كان عن قناعة ليس دفاعا عن اليمن ولكن محبة بالسعودية والإمارات”، مشيرا إلى أنه “عسى أن يكون كلامي سببا بإيقاف هذه الحرب المؤذية، لليمن، ولكل من السعودية والإمارات”.
فيما خرجت عدة احتجاجات شعبية لبنانية للمطالبة بالإطاحة بقرداحي، فيما وجهت مجموعة من رؤساء وزراء لبنان السابقين، دعوة لوزير الإعلام جورج قرداحي بالاستقالة بعد تصريحاته.
وقال رؤساء الحكومة السابقون: فؤاد السنيورة، وسعد الحريري، وتمام سلام، في بيان لهم: إن آراء قرداحي ضربة للعلاقات الأخوية والمصالح العربية المشتركة، التي تربط لبنان بالدول العربية، وتحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي، وفق “رويترز”.
والجمعة الماضية، أعلنت السعودية، استدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور، ومغادرة سفير لبنان لدى المملكة خلال الـ48 ساعة القادمة.
وقالت الخارجية السعودية عبر حسابها الرسمي بموقع “تويتر”: إن “وزارة الخارجية تستدعي سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة وتسلمه مذكرة احتجاج رسمية بعد التصريحات المسيئة الصادرة من وزير الإعلام اللبناني حيال جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن”.
وأضافت الخارجية السعودية، في البيان، أنه: “تعرب وزارة الخارجية عن أسفها لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات تجاه المملكة ودول تحالف دعم الشرعية في اليمن، والتي تعد تحيزًا واضحا لميليشيات الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة”.
وشددت على أن “تصريحات قرداحي تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين”، مضيفة أنه: “ونظرا لما قد يترتب على تلك التصريحات المسيئة من تبعات على العلاقات بين البلدين، فقد استدعت وزارة الخارجية سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة العربية السعودية وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص”.
وأعلنت دولة الإمارات، السبت الماضي، سحب دبلوماسييها من لبنان، وذلك تضامُنًا مع السعودية، في ظل النهج غير المقبول من قِبل بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه المملكة.
كما قررت الإمارات منع مواطنيها من السفر إلى لبنان، بينما سيستمر العمل في القسم القنصلي ومركز التأشيرات في بعثة الدولة لدى بيروت، خلال الفترة الحالية.