بسبب أطماع الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، عانت بلاده لعدة أشهر لتمسكه بالحكم ورفضه تسليم السلطة أو إجراء الانتخابات ليدفع بتمديد ولايته، ويثور المواطنون والمعارضة، قبل أن يتراجع عن ذلك القرار لاحقا بصعوبة.
المثير للجدل، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، هو أن فرماجو عاش وترعرع بالولايات المتحدة، ومن المفترض أنه تشبع بالديقراطية وقيمها، لذلك علقت عليه آمال كبيرة بتحسين الأوضاع في الصومال، ولكن ما حدث هو أمر مخالف لذلك تماما، حيث رفض عقد انتخابات رئاسية بعد انتهاء فترة ولايته في فبراير شباط الماضي، ثم قراره غير الديقراطي بتمديد حكمه عامين؛ ما يعد اغتصابا للسلطة.
وقالت الصحيفة الأميركية إن النزاع السياسي المحتدم في الصومال بات تسيطر عليه أعمال عنف، حيث تصاعدت سلسلة من المعارك المسلحة بين الفصائل العسكرية المتناحرة في مقديشو، ما أشعل المخاوف من انزلاق البلاد إلى موجة عنف وحرب جديدة، لذلك هدد وزير الخارجية أنتوني بلينكين علنا بمعاقبة فرماجو ومسؤولين صوماليين آخرين، في حال التقاعس عن إجراء الانتخابات على الفور.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في حكومة فرماجو، قوله إنه: “تتركز قوة الرئيس العقلية بالكامل على صعوده، وكيف يمكنه السيطرة على المشهد”، حيث ساعدته سياسة حافة الهاوية بأن يفلت كثيرا، قبل أن يصل إلى ذروتها بالفشل.
وتابعت أن المسؤولين الأميركيين أعجبوا بفرماجو بالبداية، حيث كان يُنظر له باعتباره أقل فسادا وأكثر توجها نحو الإصلاح، وأقل خضوعا للمصالح الأجنبية مقارنة بالمرشحين الـ24 الآخرين، ليعلق عليه الكثير من الصوماليين عام 2017، آمالا بالغة، ولكن سرعان ما بدأت خيبة الأمل، حيث لعب دورا في نشر سياسات انقسامية بين العشائر، وبدأ في الخلاف علنا مع القادة الإقليميين بالبلاد، وفي المقابل اعتماده على رئيس المخابرات، فهد ياسين، الذي قامت أجهزته الأمنية بسجن وتعذيب صحفيين مستقلين.
وأبدت تساؤلها من أنه في عام 2019، تخلى فرماجو عن جنسيته الأميركية، ولم يفسر سبب القرار، وهو ما رجح وجود تحقيقات حول شبهات فساد، فيما طالبته الولايات المتحدة مرارا وتكرارا على الانخراط بشكل بناء مع قادة الفيدرالية لدفع المصالحة السياسية والتوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا الحيوية لاستقرار الصومال.
ومن بين أسباب فشله أيضا، هو أن فرماجو يعتمد أيضا بشكل كبير على القوى الإقليمية الأخرى، بتلقي التمويل من دول أخرى والتحالف مع رئيس إريتريا أسياس أفورقي، الذي درب جيشه الآلاف من القوات الصومالية، ثم فاقم الأمر بقرار فرماجو التمديد لولايته التي انتهت قبل شهرين ورفضه إجراء انتخابات، بتوسع نطاق القتال ليشمل مناطق مختلفة من البلاد، وانشقاق وحدات من القوات الموالية للرئيس وانضمامها للمعارضة.
وفي 12 أبريل الماضي، صوت البرلمان الصومالي لصالح تمديد ولاية الرئيس المنتهية ولايته، محمد عبدالله فرماجو، لمدة عامين، كما أقر الإعداد لانتخابات مباشرة في البلاد عقب تلك الفترة، متجاهلا تحذيرات المجتمع الدولي لفرماجو، ومطالبات المعارضة بإجراء انتخابات رئاسية مباشرة في أسرع وقت.
وعقب ذلك القرار، اشتعلت الأوضاع في الصومال، حيث وجه فرماجو الأمن بالاعتداء على المعارضة لإسكاتهم، لتشهد العاصمة مقديشو موجة فرار جماعي، فيما وسع الرئيس عبدالله فرماجو من اعتداءاته على قادة المعارضة، ودارت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين قوات الجيش وقوات تتبع المخابرات من الموالين لفرماجو تخللها اعتداءات على مقار إقامة قيادات معارضة.
وبشكل مفاجئ، تراجع الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، في 28 أبريل، عن قرار تمديد ولايته لمدة عامين، وذلك في كلمة موجهة للشعب الصومالي على التلفزيون الرسمي.
وقال فرماجو، في كلمته، إنه سيتوجه إلى البرلمان، لـ”التراجع عن قانون التمديد لتحقيق التوازن حول الأسس القانونية لاتفاقيات الانتخابات”، معلنا “استعداد الحكومة لإجراء انتخابات على أساس اتفاق 17 سبتمبر ومقترحات اللجنة الفنية في بيدوا في 16 فبراير الماضي”.
كما دعا الرئيس الصومالي، جميع الأطراف إلى “حوار وطني شامل وغير مشروط حول أزمة الانتخابات العامة خاصة موقعي اتفاق 17 سبتمبر ورؤساء الولايات الخمس ورئيس الوزراء للتوقيع على اتفاقيات الانتخابات”.