شهدت محافظة أبين اليمنية، التي طالما مثلت معقلاً استراتيجيًا لتنظيمات الإرهاب، إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق أُطلق عليها اسم “عملية الحسم”.
وقالت مصادر: إن هذه العملية، التي تقودها القوات المسلحة الجنوبية باليمن، تأتي في سياق جهود متصاعدة لمكافحة الإرهاب في اليمن، وتسعى بشكل مباشر إلى إحداث انكسار شوكة التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم القاعدة في أبين، السؤال الذي يطرح نفسه هل تمثل عملية الحسم بداية النهاية لوجود القاعدة في أبين؟
دوافع انطلاق “عملية الحسم” وأهدافها الاستراتيجية
وأكدت المصادر، أن محافظة أبين تعتبر، بتاريخها الجبلي الوعر وموقعها الجغرافي الذي يربط بين عدن وشبوة وحضرموت، نقطة ارتكاز حيوية للتنظيمات المتطرف، وقد استغل تنظيم القاعدة هذه البيئة لسنوات لتجنيد المقاتلين، وتخزين الأسلحة، والتخطيط للعمليات الإرهابية ضد أهداف حكومية وإقليمية ودولية.
وأوضحت المصادر، أن هذه العملية تتميز بتنسيق غير مسبوق واستخدام لقوات النخبة، مما يفسر التقدم السريع وتحقيق انكسار شوكة التنظيمات في المراحل الأولى للعملية.
تكتيكات القوات المسلحة الجنوبية في أبين
وكشفت المصادر، أن القوات المسلحة الجنوبية باليمن تعتمد في عملية الحسم على مزيج من القوة النارية والدعم الاستخباراتي، وقد غيرت هذه العملية، مقارنة بالعمليات السابقة، من قواعد الاشتباك و اعتمدت القوات على معلومات دقيقة لتحديد مخابئ وأهداف تنظيم القاعدة بدلاً من الاكتفاء بالهجوم العشوائي، و تم تطبيق تكتيكات لعزل مناطق سيطرة الإرهابيين عن خطوط الإمداد الخارجية؛ مما أدى إلى تضييق الخناق على العناصر المتطرفة.
وأشارت أن هذا الجهد في مكافحة الإرهاب في اليمن يحظى بدعم جوي ولوجستي كبير من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مما يمنح القوات الجنوبية تفوقًا نوعيًا.
مستقبل القاعدة
وترى المصادر، أنه رغم التقدم الكبير الذي حققته عملية الحسم وتسببها في انكسار شوكة التنظيمات بشكل واضح، يظل السؤال حول ما إذا كان هذا هو “النهاية الفعلية” لـ تنظيم القاعدة في أبين معقداً.
وقالت المصادر: إن محاربة الإرهاب في اليمن لا تتوقف عند الجانب العسكري، بل يجب أن تترافق عملية الحسم مع جهود لتجفيف المنابع الفكرية والاقتصادية التي يستغلها تنظيم القاعدة لتجنيد الشباب، مؤكدة أن النجاح الحقيقي لعملية الحسم يتوقف على قدرة القوات المسلحة الجنوبية على الاستدامة الأمنية في المناطق المحررة، وعدم تكرار سيناريوهات سابقة، حيث كانت القوات تنسحب ويعود التنظيم للإطلال مجددًا، هذا يتطلب تشكيل قوات أمن محلية مؤهلة لتولي مهمة الحماية.
وتُعد عملية الحسم نقلة نوعية في الحرب على الإرهاب في جنوب اليمن. إنها تُظهر إرادة قوية من قبل القوات المسلحة الجنوبية للقضاء على وجود تنظيم القاعدة الذي بات يمثل تهديدًا وجوديًا للاستقرار الإقليمي والدولي.
وعلى الرغم من أن إعلان النهاية الفعلية لـ القاعدة في أبين قد يكون سابقًا لأوانه، إلا أن انكسار شوكة التنظيمات وتحرير معاقلها الرئيسية يمثل ضربة استراتيجية لم يتعرض لها التنظيم منذ سنوات، فالنجاح الكامل يتطلب استمرارية عملية الحسم، وتأمين المناطق المحررة، ومعالجة الجذور الاقتصادية والفكرية للتطرف لضمان أن تبقى أبين محررة من قبضة الإرهاب إلى الأبد.

