في ظل تصاعد التوتر بين إيران والغرب، عاد الاتفاق النووي إلى واجهة المشهد الدولي بوصفه أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا، خاصة بعد التقارير الأخيرة التي تحدثت عن وصول إيران إلى مستويات تخصيب مرتفعة تقترب من العتبة العسكرية، هذه التطورات تطرح تساؤلًا جوهريًا هل ينهار الاتفاق النووي نهائيًا، أم ما زالت هناك فرص أخيرة لإنقاذه؟
تخصيب مرتفع يعيد الأزمة إلى نقطة الصفر
وكشفت تقارير فنية، أن إيران رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تتجاوز بكثير السقف المنصوص عليه في الاتفاق النووي لعام 2015، الذي حدد التخصيب عند 3.67%، هذه الخطوة اعتبرتها القوى الغربية “انتهاكًا جوهريًا” لروح الاتفاق، حتى وإن كانت طهران تبررها بأنها رد سياسي وتقني على العقوبات الأميركية المستمرة.
وترى مصادر أن التخصيب المرتفع لا يحمل فقط دلالات فنية، بل يمثل رسالة سياسية مباشرة مفادها أن إيران لم تعد ترى في الاتفاق النووي التزامًا أحادي الجانب، في ظل غياب المكاسب الاقتصادية التي وُعدت بها.
الاتفاق النووي بين النص والواقع
من الناحية القانونية، ما يزال الاتفاق النووي قائمًا من حيث الشكل، إذ لم تُعلن أي من الدول الموقعة انسحابها رسميًا باستثناء الولايات المتحدة التي انسحبت عام 2018، إلا أن الواقع العملي يشير إلى أن الاتفاق بات “مفرغًا من مضمونه”، ووفق توصيف دبلوماسيين أوروبيين، فالعقوبات الأميركية المشددة، وتعثر آليات الالتفاف عليها، جعلت التزامات إيران محل إعادة نظر.
وفي المقابل، عجزت الأطراف الأوروبية عن توفير ضمانات اقتصادية حقيقية، ما أفقد الاتفاق أحد أعمدته الأساسية.
هل وصل الاتفاق إلى مرحلة الانهيار الكامل؟
وأكدت المصادر، أن الحديث عن “انهيار تام” للاتفاق النووي ما يزال سابقًا لأوانه، لكنه لم يعد مستبعدًا، فكلما اقتربت إيران من مستوى تخصيب مرتفع، تقلصت المسافة الزمنية اللازمة لإنتاج مواد انشطارية ذات استخدام عسكري، وهو ما يثير مخاوف أمنية واسعة لدى إسرائيل ودول غربية.
وترى المصادر، أن الاتفاق لم يعد يعمل كآلية منع، بل تحول إلى إطار تفاوضي هش، يُستخدم كمرجعية سياسية أكثر منه التزامًا تقنيًا صارمًا. وهذا ما يفسر تكثيف الضغوط والتهديدات بفرض عقوبات إضافية أو تفعيل آلية “العودة السريعة” للعقوبات الدولية.
ويشير هؤلاء إلى أن إيران تحاول رفع سقف التفاوض، بحيث يصبح أي تراجع مستقبلي مكلفًا للطرف الآخر، سواء سياسيًا أو اقتصاديًا.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
وقالت مصادر: إن أمام هذا المشهد، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات رئيسية منها: بقاء الاتفاق شكليًا مع تصعيد تدريجي في التخصيب والضغوط أو تفعيل آليات العقوبات الدولية وعودة الملف إلى مجلس الأمن أو اتفاق محدود يجمّد بعض الأنشطة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات.
وترجح المصادر أن السيناريو الأول هو الأقرب على المدى القصير، في ظل غياب إرادة سياسية حاسمة لدى جميع الأطراف.

