ذات صلة

جمع

مستقبل التنسيق.. هل هناك مصالح متباينة حاليًا بين دمشق وقيادة حزب الله وإيران؟

يشهد محور “دمشق–حزب الله–إيران” لحظة سياسية شديدة الحساسية، وسط...

استراتيجية التفكيك.. ما هي السيناريوهات المحتملة لوقف صراع النفوذ في طرابلس؟

تبرز استراتيجية التفكيك كأحد الخيارات التي تطرحها دوائر الخبراء...

صوت من قلب القرار.. ما هي أبرز التحديات التي تواجه الاستقرار في المحافظات المحررة باليمن؟

مع استمرار الحرب اليمنية وتعقّد المشهد السياسي والأمني، تبرز...

من رماد الأزمة.. ما هي خارطة الطريق لإنهاء الفوضى السورية؟

بعد أكثر من 13 عامًا على اندلاع الأزمة السورية،...

عام ثقيل على سوريا.. هل يتحول “الحضن الروسي” إلى فخ استراتيجي؟

على مدار العام الماضي، وجد النظام السوري نفسه أقرب...

مستقبل التنسيق.. هل هناك مصالح متباينة حاليًا بين دمشق وقيادة حزب الله وإيران؟

يشهد محور “دمشق–حزب الله–إيران” لحظة سياسية شديدة الحساسية، وسط تحولات إقليمية متسارعة تفرض على الأطراف الثلاثة إعادة تقييم خرائط النفوذ وقواعد الاشتباك ومجالات التنسيق.

فبعد أكثر من عقد من التعاون العسكري والسياسي الذي شكّل الركيزة الأساسية لصمود الدولة السورية في وجه الحرب، بدأت تلوح في الأفق خلافات صامتة، أو على الأقل تباينات في الأولويات بين الأطراف، مع اتساع مساحات الضغط الدولي وتنامي الحسابات المحلية في كل طرف.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه بعض التقارير الغربية عن “تصدعات ناعمة” داخل هذا التحالف، تؤكد مصادر في المنطقة أن العلاقة ما تزال قوية، لكنها تمر بمرحلة إعادة تعريف بسبب الاختلاف في الرهانات الإقليمية المقبلة.

جذور التحالف بين الأطراف الثلاثة

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، شكّل دخول إيران وحزب الله إلى الساحة السورية عاملًا رئيسيًا في منع انهيار الدولة السورية.

وقد اعتمدت دمشق على دعم عسكري ولوجستي واستخباراتي مكثف، ما عزز نفوذ طهران داخل مؤسسات الدولة، ومعها تمدد دور حزب الله في المناطق الحدودية وعلى طول الجبهة الممتدة من القلمون إلى الجنوب السوري.

ومع انتهاء المعارك الكبرى وتراجع مستوى العمليات الواسعة، تحوّل هذا التحالف إلى علاقة مركبة تشمل إدارة الملفات الأمنية الحساسة و توزيع الأدوار العسكرية والنفوذ الاقتصادي وإعادة الإعمار والتنسيق السياسي في المفاوضات الإقليمية، إلا أن التحولات الراهنة في الإقليم أعادت فتح النقاش حول مستقبل هذا التنسيق ومدى انسجام المصالح بين الأطراف.

كيف أثرت المتغيرات الإقليمية على العلاقة؟

وشهدت المنطقة خلال العامين الأخيرين تغيرات كبرى، أبرزها: عودة الانفتاح العربي على دمشق، بما يشمل السعودية والإمارات والأردن والتحولات في موقف روسيا التي تعيد ترتيب أولوياتها بعد الحرب الأوكرانية، وتضغط باتجاه خفض التمدد الإيراني في بعض الجبهات والتوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية، مع تكثيف الهجمات الجوية وإعادة ضبط العلاقة بين طهران وبعض الدول العربية.

بالمقابل، تتمسك طهران بمعادلة النفوذ التي ترى فيها سوريا ساحة مركزية داخل “محور المقاومة”، فيما ينظر حزب الله إلى سوريا باعتبارها العمق الدفاعي الأهم لأي مواجهة مع إسرائيل.

قراءة في سلوك الأطراف الثلاثة

وقالت مصادر: إن القيادة السورية تحاول استثمار المتغيرات الإقليمية لصالحها، عبر إعادة بناء العلاقات العربية وتخفيف العقوبات والانخراط في ترتيبات أمنية إقليمية، مثل التنسيق مع الأردن في ملف المخدرات والحدود هذا الاتجاه يمنح دمشق مساحة استقلال نسبي عن بعض قرارات طهران، لكنه لا يصل إلى حد الانفصال عنها.

وترى طهران، أن سوريا ليست مجرد دولة حليفة، بل جزء أساسي من بنية الردع في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة لذا فإن أي تغيير في علاقة دمشق بطهران قد يثير قلقًا داخل دوائر صنع القرار الإيراني التي تريد ضمان استمرار خطوط الإمداد نحو حزب الله.

كما أن المصادر تؤكد، أن حزب الله بذلك يجد نفسه وسط معادلة معقدة من جهة، يعتمد بشكل كبير على الوجود الإيراني في سوريا لضمان أمن خطوطه ومن جهة أخرى، لا يريد أن يؤدي أي تصعيد في سوريا إلى كارثة إقليمية تضعه في مواجهة مباشرة لا يريدها الآن لذلك يحاول الحزب الحفاظ على حضور فعّال في سوريا دون الدخول في صدام مع حسابات دمشق الجديدة.

ما الذي تريده كل جهة اليوم؟

وأوضحت مصادر، إن دمشق تريد إعادة التموضع إقليميًا، تخفيف العقوبات، وموازنة التحالفات دون خسارة الحلفاء، كما أن إيران تحاول الحفاظ على شبكة نفوذها من العراق إلى لبنان مرورًا بسوريا، أما عن حزب الله فهي تريد ضمان استمرار خطوط الدعم وعدم خسارة العمق الاستراتيجي في سوريا، مؤكدة أنه تبدو المصالح متداخلة، لكنها ليست متطابقة بالكامل، وهو ما يجعل العلاقة تعيش مرحلة التباين الهادئ بدلًا من الانشقاق.

واختتمت المصادر، أنه لا يمكن القول إن التحالف بين دمشق وإيران وحزب الله يتجه نحو تفكك أو صدام، لكنه بالتأكيد يمر بمرحلة إعادة تموضع تُحددها التحولات الإقليمية وضغوط الداخل السوري، فالتحالف الذي تشكل خلال الحرب لم يعد بنفس تركيبة اليوم، ومع ذلك ما تزال المصالح المشتركة، خاصة في ملف الردع الإقليمي، قادرة على إبقاء التنسيق قائمًا.

ومع تزايد الضغوط الدولية وإعادة فتح أبواب دمشق عربيًا، ستواصل الأطراف الثلاثة إدارة التباينات بدلًا من تركها تتحول إلى خلافات بنيوية؛ ما يجعل مستقبل هذا التنسيق مرتبطًا مباشرة بشكل الإقليم الجديد الذي يتشكل على وقع تفاهمات متغيرة بين القوى الكبرى.