على مدى عشرين عامًا، أنفق العراق مليارات الدولارات على محطات توليد، شبكات نقل، عقود صيانة، اتفاقيات استيراد غاز وكهرباء، ورغم ذلك بقيت ساعات التجهيز محدودة، وانقطاعات الصيف والشتاء جزءًا من المشهد اليومي.
وقالت مصادر إنه على الرغم من أن العراق يعدّ رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، ويحقق سنويًا عشرات مليارات الدولارات من عائدات النفط، إلا أنه ما زال يعيش أزمة طاقة مزمنة تُرهق المواطن والاقتصاد، وتعرقل نمو القطاعات الحيوية.
جذور الأزمة
وكشفت المصادر أن أزمة الكهرباء في العراق تعود إلى سلسلة من العوامل المتداخلة، أبرزها غياب التخطيط طويل الأمد بعد 2003، وسيطرة القرارات المرتجلة على سياسات قطاع الطاقة والاعتماد المفرط على الاستيراد بدلًا من بناء محطات وطنية مكتملة وإدارة القطاع وفق مبدأ المحاصصة السياسية، لا مبادئ المهنية والكفاءة والتهالك العمراني لشبكات النقل والتوزيع التي تعرضت للتخريب والحروب والإهمال والفجوة بين الإنتاج والاستهلاك التي تزداد سنويًا مع توسع المدن وارتفاع الطلب.
أين ذهبت أموال الطاقة؟
وأشارت تقارير رقابية عراقية ودولية إلى أن مجموع ما صُرف على قطاع الكهرباء منذ 2003 تجاوز 80 مليار دولار ومع ذلك، لم يتحقق تغيير جوهري في الإنتاج أو التوزيع.
وأوضحت المصادر أن أبرز مكامن الهدر في عقود غير مكتملة أو متوقفة و كثير من مشاريع المحطات بدأت ثم توقفت بسبب خلافات سياسية ومشاكل مالية وانسحاب الشركات لغياب الضمانات، وبسبب فساد إداري أدى إلى تعطيل التنفيذ، كم أن بعض عقود الصيانة مع شركات محلية وأجنبية لم تُنفذ بالشكل المطلوب، ما تسبب بعودة الأعطال نفسها كل عام.
وقالت المصادر إنه على رغم الأموال المخصصة لتطوير الشبكات، فإن نسبة الفاقد الكهربائي ما زالت تتجاوز 40%، وهي من أعلى النسب عالميًا.
تحديات ومخاطر المشاريع المتوقفة
وترى المصادر أن المشاريع المتوقفة تعدّ أخطر ما يواجه قطاع الكهرباء في العراق، حيث توجد عشرات المشاريع المتعثرة، سواء في الإنتاج أو الربط أو التوزيع. ومن أبرز الأسباب عدم استقرار البيئة السياسية والخلافات بين الوزارات والهيئات و غياب الضمانات للشركات الأجنبية والنزاعات العشائرية والأمنية والفساد الإداري.
لماذا يفشل العراق في حل الأزمة؟
واختتمت المصادر أن الأزمة ليست أزمة أموال، فقد أنفقت الحكومات مليارات الدولارات، بل هي أزمة إدارة وتخطيط وحوكمة، فالمشاريع المعطلة، وغياب الرؤية الموحدة، والفساد، والخلافات السياسية، والاعتماد على الغاز المستورد، كلها تراكمات جعلت العراق يدور في حلقة مفرغة منذ سنوات.

