ذات صلة

جمع

سقوط قيادي بارز للإخوان في ساكسونيا يفضح ممارسات الجماعة

أعادت تهم الاحتيال المالي التي طالت سعد الجزار، رئيس...

الضربة القاضية.. كيف أزال “قيس سعيّد” شبكات النفوذ التي زرعها حزب النهضة بتونس؟

تبنّى الرئيس التونسي قيس سعيّد، منذ وصوله إلى الحكم،...

الشبكة الخفية.. كيف تستغل الإخوان في فرنسا التوترات الإقليمية لتعزيز نفوذها؟

على مدار عقود، شكّلت فرنسا أكبر تجمع للجاليات المسلمة...

آفاق المستقبل.. كيف ستتعامل الأمم المتحدة مع المعلومات المفبركة حول الفاشر؟

شهدت الأشهر الأخيرة انتشاراً غير مسبوق لمقاطع وصور وأخبار...

سقوط قيادي بارز للإخوان في ساكسونيا يفضح ممارسات الجماعة

أعادت تهم الاحتيال المالي التي طالت سعد الجزار، رئيس مركز مروة الشربيني الثقافي في دريسدن، فتح ملف جماعة الإخوان في ولاية ساكسونيا الألمانية، بعدما وجد الرجل نفسه في قلب قضية اختلاس طالت أموال المصلين وتبرعاتهم.

القضية، التي بدت في ظاهرها جنائية بحتة، سرعان ما تحولت إلى مؤشر أعمق على طرق عمل الجماعة في الولاية، وأساليبها في التغلغل داخل المجتمعات المسلمة.

الجزار، الذي يتولى رئاسة الجمعية وإمامة مسجدها منذ عام 2019، يواجه اتهامات بسحب مبالغ مالية من خزينة الجمعية بشكل متكرر، بلغت قيمتها أكثر من 13 ألف يورو، قالت السلطات إنها تبرعات قدمها المصلون خلال صلاة الجمعة.

رغم أن الواقعة تعود إلى سنوات مضت، فإن تفاصيلها أعادت فتح باب الشكوك حول شبكة النفوذ التي تديرها الجماعة الاخوانية في ساكسونيا.

تسوية قانونية لا تغلق ملف الشبهات
بحسب المحكمة الجزئية في الولاية، تم الاتفاق على إيقاف الإجراءات مؤقتًا مقابل غرامات مالية دفعها الجزار بقيمة 6 آلاف يورو لخزانة الدولة وجهات خيرية.

رغم أن التسوية أغلقت الجانب الجنائي للقضية، إلا أنها فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول طبيعة عمل الجمعيات المرتبطة بالإخوان، وكيف تدار الأموال داخلها، والمؤسسات التي يستغلها قادتها لتعزيز نفوذهم.

القضية لم تعد مجرد حادثة اختلاس، بل تحولت إلى مرآة تكشف ممارسات أوسع، اعتمدت عليها الجماعة لسنوات، مستفيدة من نقص البنية المؤسسية للمساجد في المدن الألمانية الصغيرة واحتياجات اللاجئين.

هياكل تتوسع.. وأموال تثير الريبة

وتقارير هيئة حماية الدستور في ساكسونيا كانت قد حذرت منذ عام 2017 من توسع منظمات مرتبطة بالإخوان داخل الولاية، خصوصًا ما يعرف بـ”ملتقى ساكسونيا”، الذراع المؤسسية الأساسية للجماعة في المنطقة.

وعدة تحذيرات أشارت إلى شراء مباني ومساجد في مدن متعددة، بينها لايبزج، دريسدن، ريزا، وباوتسن، بشكل مكثف وممول بمبالغ كبيرة.

وقتها، أعرب رئيس الهيئة، جورديان ماير بلات، عن قلق عميق من التأثير المتزايد لهذه المنظمات على الجاليات المسلمة، محذرًا من أن خطابها يتصادم مع القيم الديمقراطية الأساسية، كالمساواة وحرية المعتقد.

وفي السنوات التالية، وثقت الأجهزة الأمنية عمليات شراء عقارات بقيمة مئات آلاف اليورو، تمت عبر جمعيات تحمل أسماء مختلفة، لكن تتشارك البنية والهدف والعناصر المحركة ذاتها، وفي مقدمتهم سعد الجزار.

تدوير الواجهات.. التكتيك الأبرز للجماعة

تقرير هيئة حماية الدستور لعام 2022 وصف الجزار بأنه “العنصر الأكثر نفوذًا داخل جماعة الإخوان في ساكسونيا”. التقرير أوضح أن الجمعيات العاملة في الولاية تعتمد بشكل منهجي على تغيير التسميات والواجهات بمجرد انكشاف نشاطها، لتعود مرة أخرى عبر كيانات جديدة تدار بالأشخاص أنفسهم.

ورغم إعلان “ملتقى ساكسونيا” وقف أنشطته في 2019، فإن الأجهزة الأمنية تؤكد وجود دلائل على استمرار عمله عبر شبكات غير رسمية، متبعة النهج ذاته الذي تستخدمه الجماعة في أوروبا، التشويش، تدوير المسؤولين، تغيير الواجهات، والإبقاء على البنية التنظيمية الأساسية دون تغيير.

فضيحة الجزار.. نقطة تحول أم رأس جبل الجليد؟

توقيف الجزار وتسوية قضيته القانونية قد تبدو نهاية طريق، لكنها في الواقع مجرد بداية لفصل جديد في مراقبة نشاط الإخوان داخل ساكسونيا.

القضية كشفت هشاشة الرقابة داخل بعض المراكز الإسلامية، وعمق التغلغل الذي حققته الجماعة داخل الجاليات، مستغلة الاحتياجات الدينية والاجتماعية للاجئين.

وتعتبر هذه الفضيحة، وفق مراقبين، أبرز ضربة تتلقاها الجماعة في الولاية منذ سنوات، لأنها كشفت آليات التمويل، وفتحت الباب لكشف الشبكات الأوسع المرتبطة بها، وربما تعيد ترتيب أوراق الأجهزة الأمنية في تعاملها مع منظمات الإخوان داخل ألمانيا.