تحوّلت أنفاق رفح من مجرد ممرات سرية إلى ساحة تفاوض معقدة بين حركة حماس وإسرائيل، بعد أن كشفت مصادر مطلعة عن مقترحات جديدة تهدف إلى إدخال ملف الأنفاق ضمن صفقة أوسع تتعلق بوقف إطلاق النار وترتيبات ما بعد الحرب في غزة.
وبحسب ما تسرّب من بنود المقترح، فإن إسرائيل تسعى للحصول من حماس على خرائط دقيقة للأنفاق التي لا تزال قيد التشغيل، مقابل السماح بإجلاء المقاتلين من رفح إلى مناطق أخرى داخل القطاع، في خطوة يُنظر إليها على أنها اختبار حقيقي لمدى استعداد الحركة لتقديم تنازلات في هذه المرحلة الحساسة.
وتعتبر إسرائيل أن وجود مقاتلين من حماس في مناطق تخضع لسيطرتها الميدانية يشكّل تهديداً مباشراً لاستقرار أي هدنة مستقبلية، فيما ترى الحركة أن ملف الأنفاق لا يمكن فصله عن التفاهمات الشاملة بشأن إنهاء الحرب ورفع الحصار.
المقترح بين القبول والرفض
حتى الآن، لم يصدر أي رد رسمي من الجانبين بشأن المقترح، إلا أن مؤشرات الميدان توحي بجمود في الموقفين.
فمن جهة، لا ترغب إسرائيل في السماح لمسلّحي حماس بالخروج من رفح دون ضمانات واضحة بتفكيك كامل البنية التحتية للأنفاق، ومن جهة أخرى، ترفض حماس تسليم مواقعها أو الإفصاح عن تفاصيلها العسكرية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي أوسع يضمن بقاءها في المشهد الفلسطيني.
ويقول مراقبون إن أنفاق رفح تحوّلت إلى “آخر خطوط الدفاع” بالنسبة لحماس، وهي الورقة التي تراهن عليها في أي مفاوضات مقبلة.
أما إسرائيل، فترى في السيطرة الكاملة على الأنفاق مفتاحاً لإنهاء قدرتها العسكرية ومنع أي تهديد مستقبلي عبر الحدود مع مصر.
واشنطن تدخل على خط التهدئة
في موازاة ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية عن تحركات أميركية جديدة لدفع الأطراف نحو تسوية أكثر شمولاً، إذ قدّمت واشنطن مشروع قرار إلى مجلس الأمن يدعم خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإرساء سلام دائم في غزة.
وبحسب بيان صادر عن البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، فإن السفير مايك والتز ناقش المقترح مع الدول الأعضاء وعدد من الشركاء الإقليميين، مؤكداً أن أي اتفاق مستدام يجب أن يضمن أمن إسرائيل ويضع حداً لتهريب السلاح إلى القطاع.
ويرى دبلوماسيون أن إدخال ملف الأنفاق ضمن المناقشات الأممية يعكس إدراكاً متزايداً بأن الحرب في غزة لم تعد تقتصر على الصراع العسكري، بل أصبحت معركة حول النفوذ والسيطرة الميدانية.
توتر جديد على الحدود المصرية
وبالتزامن مع هذه التطورات، أعلنت إسرائيل إقامة منطقة عسكرية مغلقة بمحاذاة الحدود مع مصر، بحجة منع تهريب الأسلحة إلى غزة عبر الأنفاق القديمة، وهي خطوة أثارت قلق القاهرة التي تتابع بحذر التحركات الإسرائيلية على مقربة من أراضيها.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تفتح جبهة توتر جديدة بين تل أبيب والقاهرة، خصوصاً إذا ما رافقها نشاط عسكري متزايد في المنطقة الحدودية الحساسة.
ملف مفتوح على كل الاحتمالات
يبقى ملف أنفاق رفح أحد أكثر الملفات غموضاً وإثارة في مسار الحرب الدائرة في غزة، إذ يتقاطع فيه البعد الأمني مع السياسي والإنساني.
ففي الوقت الذي تحاول إسرائيل تحويله إلى ورقة ضغط لإنهاء نفوذ حماس، تسعى الحركة إلى استثماره كورقة تفاوضية تضمن بقاءها لاعباً أساسياً في أي تسوية مقبلة.

