تتجه الأنظار بالعراق نحو مرحلة سياسية شديدة التعقيد بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إذ فشلت الكتل الكبرى في التوصل إلى توافق نهائي حول مرشح رئاسة الوزراء.
الانقسام العميق
وقالت مصادر: إنه منذ اللحظات الأولى لظهور النتائج النهائية، بدا واضحًا أن الكتل السياسية العراقية غير قادرة على حسم موقف موحد تجاه شخصية رئيس الوزراء المقبل، فكل طرف يسعى لفرض مرشحه باعتباره الأنسب لقيادة المرحلة المقبلة، وسط انقسامات عميقة بين الكتلة التنسيقية ذات النفوذ الشيعي، وتحالف القوى السنية والكردية التي تتبنى مواقف متباينة من الاستحقاق الحكومي.
شلل سياسي شامل ويعمق صراع الزعامة
وأوضحت المصادر، أن أحد أبرز أسباب الجمود الحالي يتمثل في الانقسام الشيعي بين التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي من جهة أخرى، فكل طرف يرى في نفسه الممثل الشرعي للأغلبية الشيعية، ويعتبر أن الآخر تجاوز حدوده الدستورية والسياسية.
وقالت: إنه على الرغم من محاولات الوساطة التي تقودها أطراف داخلية وخارجية، فإن هوة الخلاف ما تزال واسعة، خصوصًا بعد رفض التيار الصدري العودة إلى الحوار ضمن الإطار، ما جعل الساحة مفتوحة أمام صراع زعامة حقيقي على القرار الشيعي.
وحذرت المصادر من أن استمرار هذا الانقسام قد يؤدي إلى شلل سياسي شامل، إذ لا يمكن لأي حكومة أن تتشكل دون توافق هذه القوى التي تمسك بمفاصل البرلمان والمؤسسات التنفيذية والأمنية.
كيف يفتح غياب تعريف “الكتلة الأكبر الباب أمام فراغ قانوني؟
وكشفت المصادر، أنه من الناحية الدستورية، تنص المادة (76) من الدستور العراقي على أن رئيس الجمهورية يكلّف مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة خلال مدة أقصاها 30 يومًا، وإلا تُعاد العملية من جديد، لكن مع غياب “الكتلة الأكبر” بالمعنى الحاسم، ودخول التفسيرات المتضاربة للمادة، يجد العراق نفسه أمام فراغ قانوني ودستوري فعلي، خصوصًا إذا فشل البرلمان في تحديد هذه الكتلة أو في المصادقة على رئيس الوزراء ضمن المدة المحددة.
الإحباط الشعبي يتفاقم
وترى المصادر، أن استمرار الوضع الحالي سيجعل البلاد أمام أزمة شرعية سياسية، إذ لا يمكن ممارسة السلطة التنفيذية دون غطاء دستوري واضح، ما يفتح الباب أمام احتمالات التصعيد، أو حتى اللجوء إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة.
وتخشى المصادر من أن يؤدي استمرار الانسداد إلى موجة احتجاجات جديدة مشابهة لما جرى عام 2019، خصوصًا في ظل شعور متنامٍ لدى الشباب بأن العملية السياسية باتت رهينة لمصالح النخب الحزبية.
ما هي سيناريوهات المرحلة المقبلة؟
ووفق ما طرحته المصادر، أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمسار الأحداث في الأسابيع المقبلة، إذ قد تدفع الضغوط الداخلية والخارجية الأطراف المتنازعة إلى القبول بمرشح “تسوية” مقبول من جميع الكتل، وفي حال فشل التوافق، سيستمر رئيس الوزراء الحالي في تصريف الأعمال، ما يعني عمليًا دخول البلاد في حالة “جمود سياسي” مفتوح و العودة إلى صناديق الاقتراع وهو خيار مكلف وغير مضمون النتائج، لكن قد يُطرح كحل أخير إذا تعذر الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة.

