تشهد الساحة السودانية تطورًا دراماتيكيًا جديدًا مع بدء انشقاق الحركات المسلحة عن القوة المشتركة التابعة للجيش السوداني، في ظل تداعيات سقوط مدينة الفاشر وتصاعد الخلافات بين قيادات الجيش والحركة الإسلامية.
ما هي الشرارة التي فجّرت الانقسامات؟
أكدت المصادر أن سقوط مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، شكّل نقطة تحول خطيرة في مسار الصراع السوداني، حيث كشفت الأحداث عن تفكك المنظومة العسكرية المشتركة التي جمعت الجيش بالحركات المسلحة في مواجهة قوات الدعم السريع.
أظهرت التطورات الميدانية أن انعدام الثقة بين القيادات العسكرية والإسلامية أسهم بشكل مباشر في ضعف الجبهة الداخلية، مما عجل بسقوط المدينة الاستراتيجية.
كما أوضحت المصادر أن الحركات المسلحة التي انضوت سابقًا تحت راية الجيش شعرت بأن البرهان يتلاعب بتحالفاته لأهداف سياسية قصيرة المدى، وهو ما دفع بعضها إلى إعلان انسحابها من القوة المشتركة، معتبرة أن القيادة العسكرية فقدت بوصلتها السياسية والميدانية.
الجيش والحركة الإسلامية.. كيف تصدّع التحالف؟
أوضحت المصادر أن التحالف غير المعلن بين الجيش والحركة الإسلامية لم يعد متماسكًا كما كان في بدايات الحرب، فمع تعمق الخلافات داخل القيادة، بدأ التيار الإسلامي يشعر بالخداع من قبل البرهان، الذي رفع شعارات إبعاد الإسلاميين لإرضاء القوى المدنية والداعمين الإقليميين، بينما استمر في الاعتماد على كوادرهم ميدانيًا عند الحاجة. هذا التناقض فجّر حالة من الغضب داخل الصف الإسلامي، إذ يرى كثير من قادته أن البرهان استخدمهم كـ”ورقة ضغط مرحلية”، ثم تخلّى عنهم عندما حاول كسب ود القوى الخارجية. وهكذا تحوّل التعاون المؤقت إلى صراع ثقة مفتوح بين الطرفين.
شعور بالخداع داخل أوساط الإسلاميين
كشفت المصادر أن هذه التطورات أثارت موجة غضب داخل أوساط الإسلاميين الذين شعروا بأن البرهان استخدمهم أداة لتثبيت حكمه، ثم تخلى عنهم بمجرد تغير موازين القوى.
تداولت شخصيات قيادية داخل التيار الإسلامي تصريحات حادة تصف البرهان بأنه ناكر للجميل ومتقلب الولاءات، متهمة إياه بأنه باع الحركة في سبيل كسب الشرعية الخارجية.
انعدام الثقة بين الجيش والحركة الإسلامية
ذكرت مصادر أن أحد الأسباب الجوهرية لسقوط الفاشر هو فقدان الثقة المتبادل بين الجيش والحركة الإسلامية، فبينما كان البرهان يعتمد على دعم الإسلاميين لتقوية جبهاته، كانت قيادات الحركة ترى أن البرهان يستخدمهم كدرع بشري دون أن يمنحهم نفوذًا حقيقيًا في القرار العسكري. هذه العلاقة القائمة على الشك والتوظيف المتبادل عطّلت التنسيق الميداني وأدت إلى انهيار خطوط الدفاع بسرعة غير متوقعة.
عزلة متزايدة يعيشها البرهان
واختتمت المصادر بالقول إنه مع تصاعد الانشقاقات وتعمق الخلافات مع الإسلاميين وتراجع الدعم الخارجي، يجد البرهان نفسه في عزلة سياسية وعسكرية متنامية.
وأكدت أنه في ظل هذا المشهد المضطرب، يبدو أن سقوط الفاشر لم يكن مجرد خسارة ميدانية، بل تجسيدًا لانهيار مشروع البرهان نفسه القائم على التحالفات المؤقتة والمصالح المتقلبة.

