يطفو الملف النووي الإيراني مجددًا على سطح الأحداث كإحدى أكثر القضايا حساسية وتعقيدًا في الشرق الأوسط، وبينما يغيب المسار التفاوضي الرسمي منذ أشهر طويلة، تتكاثر التساؤلات حول مستقبل هذا الملف.
مؤشرات أزمة ممتدة
فمنذ انهيار المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران منتصف عام 2023، لم تُسجّل أي لقاءات رسمية بين الجانبين لإحياء الاتفاق النووي الموقّع عام 2015.
ورغم استمرار الاتصالات غير المعلنة عبر وسطاء إقليميين كسلطنة عمان وقطر، إلا أن هذه القنوات لم تتمخض عن اختراق حقيقي في جدار الجمود، بل تشير تقارير غربية إلى أن الطرفين أصبحا في مرحلة إدارة الأزمة بدلاً من حلها، أي ضبط التصعيد دون تقديم تنازلات جوهرية.
وفي المقابل، تتحدث الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تراجع مستوى الشفافية في البرنامج النووي الإيراني، وغياب الردود الكافية على استفساراتها بشأن مواقع مشبوهة يُعتقد أنها استخدمت في أبحاث تخصيب متقدمة، وهو ما يثير مخاوف من أن تكون طهران تقترب فعلاً من العتبة النووية.
الموقف الإيراني الغامض
وقالت مصادر: إن إيران تدرك أن امتلاكها قدرات نووية متقدمة يشكل ورقة ضغط فعّالة على الغرب، سواء في المفاوضات المقبلة أو في سياق توازن القوى الإقليمي.
وأوضحت المصادر، أن التطورات التقنية، كزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة وتشغيل مواقع تخصيب جديدة، توحي بأن البرنامج تجاوز الأطر التقليدية المدنية.
الدور الأوروبي
وأشارت المصارد، أنه رغم تحذيرات باريس وبرلين ولندن من خطورة استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية، إلا أن العقوبات الأوروبية لم تحقق تأثيراً ملموساً على سلوك طهران.
وفي المقابل، يبرز الدور المتنامي لكل من سلطنة عمان وقطر في الوساطة بين طهران وواشنطن، إذ تمكن البلدان من الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع الطرفين، وتمرير رسائل سياسية وأمنية حساسة ساهمت في تجنّب تفجر الأزمة أكثر من مرة، وتحاول الصين وروسيا، اللتان تربطهما علاقات استراتيجية بإيران، توظيف الملف النووي كورقة مساومة في صراعهما مع الغرب.
ما هي السيناريوهات المقبلة؟
وترى المصادر، أن مستقبل الملف النووي يتأرجح بين ثلاثة سيناريوهات رئيسية منها استمرار الوضع الحالي دون مفاوضات رسمية، مع بقاء إيران على عتبة امتلاك السلاح النووي دون تجاوزه، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا على المدى القريب.
والسيناريو الثاني وفق ما توقعته المصادر وهو احتمال التوصل إلى اتفاق مؤقت يجمّد البرنامج مقابل تخفيف محدود للعقوبات، وربما يُرعى عبر وساطة عمانية أو قطرية.
والسيناريو الثالث انهيار الاتصالات غير الرسمية ووقوع حادث أمني أو هجوم سيبراني كبير يؤدي إلى مواجهة عسكرية، ولو محدودة.
ما هو مستقبل الملف النووي الإيراني؟
وأكدت المصادر، انه في ظل غياب المفاوضات الرسمية وتعدد الحسابات الإقليمية والدولية، يبدو مستقبل الملف النووي الإيراني رهين توازن هش بين التصعيد والتهدئة، فكل الأطراف تدرك أن أي خطوة خاطئة قد تشعل صراعًا واسع النطاق يمتد من الخليج إلى شرق المتوسط، لكن استمرار الغموض حول نيات إيران النووية، وتراجع الثقة بين طهران والغرب، يجعلان من هذا الملف قنبلة سياسية مؤجلة، قد تنفجر في أي لحظة ما لم يُستأنف الحوار قريبًا.

