تشهد الساحة السياسية والعسكرية في تل أبيب حالة من الغضب والتوتر الشديدين بعد تعثر مفاوضات استعادة رفات الأسرى الإسرائيليين من حركة حماس.
خلافات داخل القيادة الإسرائيلية
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن القيادة السياسية في إسرائيل تبحث حالياً ثلاثة خيارات رئيسية للرد على مماطلة حركة حماس في تسليم رفات الرهائن الإسرائيليين، بعد فشل جولات الوساطة الأخيرة في التوصل إلى اتفاق.
ووفقاً للمصادر العبرية، فإن نتنياهو حمّل حماس مسؤولية إفشال المفاوضات الأخيرة التي كانت تهدف إلى تسليم ما تبقّى من جثث الرهائن الإسرائيليين وعددهم 13 جثة، مؤكداً أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه المناورات.
ما هي تفاصيل “المسرحية” التي فجّرت الأزمة؟
ووفق رواية الصحيفة، فإن طائرة مسيّرة إسرائيلية كانت تراقب عمليات البحث التي تجريها حماس، رصدت ما وصفته بـ”مسرحية هزلية”، حيث أخرج عناصر من الحركة جثة لأحد الرهائن من داخل مبنى مهدّم، ثم غطّوها مؤقتاً في مكان الحفر، ليتظاهروا لاحقاً بالعثور عليها، قبل أن يتصلوا بالصليب الأحمر لتسليمها.
لكن المفاجأة – ووفق الصحيفة – كانت عندما تبيّن أن الرفات يعود لرهينة كانت إسرائيل قد انتشلت جثته قبل عامين خلال عملية عسكرية في عمق غزة، ما أثار موجة غضب داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيليتين.
ما هي الخيارات على طاولة الكابينت؟
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش حالياً ثلاثة مسارات رئيسية للرد على ما تصفه بـ”انتهاكات حماس”، منها خفض المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو خيار يدفع به بعض الوزراء اليمينيين المتشددين باعتباره وسيلة ضغط على حماس. غير أن هذا المقترح يُستبعد أن يلقى موافقة أمريكية أو أوروبية، نظراً لتداعياته الإنسانية الواسعة، خاصة مع التحذيرات الأممية من تفاقم الأزمة المعيشية في القطاع.
أما الخيار الثاني فهو السيطرة على مناطق إضافية داخل غزة، ويقضي هذا المقترح بنقل بعض المناطق الحساسة إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي خلف ما يُسمّى بـ”الخط الأصفر”، بهدف فرض رقابة ميدانية على مناطق يُعتقد أن حماس تخفي فيها رفات الرهائن. وترى بعض الدوائر الأمنية أن هذا الخيار قد يكون مقبولاً نسبياً لدى واشنطن، لأنه لا يعني استئناف حرب شاملة، بل تحركاً ميدانياً محدوداً.
أما الخيار الثالث فهو استئناف الحرب ضد حماس، وهو الخيار الأكثر تطرفاً والأقل احتمالاً في الوقت الراهن، لأن استئناف العمليات العسكرية الكبرى قد يؤدي إلى انهيار كامل لاتفاقات التهدئة، ويدخل المنطقة في دوامة جديدة من التصعيد الدموي، وفق تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ما هي السيناريوهات المفتوحة؟
كشفت مصادر أنه مع استمرار حالة الغضب داخل إسرائيل، ورفض حماس حتى الآن تسليم جميع رفات الرهائن، يبقى المشهد مفتوحاً على عدة سيناريوهات، أبرزها تنفيذ ضربات محدودة في غزة لإرسال رسالة ردع، أو التمسك بخيار الضغط السياسي عبر الوسطاء في محاولة لإعادة المفاوضات إلى مسارها.
وفي ظل التناقضات داخل تل أبيب، يبدو أن القرار الحاسم لن يُتخذ قريباً، إذ يحاول نتنياهو الموازنة بين إرضاء حلفائه في اليمين المتطرف والحفاظ على علاقاته الحيوية مع واشنطن، في وقت يدرك فيه أن أي خطوة غير محسوبة قد تُشعل حرباً جديدة في غزة لا ترغب إسرائيل ولا المجتمع الدولي في خوضها حالياً.

