في خطوة تؤكد متانة العلاقات بين البلدين، عقد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، اجتماعًا موسعًا في الرياض، ناقشا خلاله سبل توسيع التعاون الاقتصادي والاستراتيجي بين المملكة وباكستان، في إطار شراكة تمتد جذورها لعقود من التضامن السياسي والاقتصادي.
اللقاء، الذي وصفته الأوساط الدبلوماسية بأنه “نقطة تحول في العلاقات الثنائية”، أسفر عن اتفاق الجانبين على إطلاق إطار تعاون اقتصادي شامل يهدف إلى فتح آفاق جديدة في مجالات الاستثمار والتجارة والطاقة والتنمية، بما ينسجم مع رؤية السعودية 2030 وتوجهات باكستان نحو تحقيق نهضة اقتصادية شاملة.
إطار جديد للتعاون الاقتصادي
الإطار الجديد يركز على إقامة مشروعات استراتيجية في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين والتقنية والسياحة والزراعة والأمن الغذائي.
كما يشمل الاتفاق دراسة تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين السعودية وباكستان، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة، بما يسهم في تحقيق أمن الطاقة للطرفين ويقلّل من الاعتماد على المصادر التقليدية.
وبحسب البيان المشترك، فإن هذا التعاون يأتي امتدادًا لالتزام البلدين بتمكين القطاع الخاص وتوسيع حجم التبادل التجاري، إلى جانب دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتهيئة بيئة استثمارية مشتركة تواكب التغيرات الاقتصادية العالمية.
من الاقتصاد إلى الأمن والدفاع
لا يقتصر التعاون بين الرياض وإسلام آباد على الاقتصاد فحسب، بل يمتد إلى الجانب الأمني والعسكري، في الشهر الماضي، وقع البلدان اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك التي تهدف إلى تطوير مجالات التعاون الدفاعي وتعزيز الردع المشترك ضد أي تهديدات إقليمية.
وتنص الاتفاقية على أن أي اعتداء على أحد البلدين يعد اعتداء على الآخر، ما يعكس عمق الثقة المتبادلة بين القيادتين وحرصهما على تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
دعم متبادل وتطلعات مشتركة
البيان السعودي الباكستاني المشترك شدد على أن العلاقة بين البلدين تتجاوز المصالح الآنية، إذ ترتكز على رؤية استراتيجية طويلة الأمد تستهدف ترسيخ الشراكة المستدامة.
وتأتي هذه التحركات في وقت تسعى فيه المملكة إلى تنويع تحالفاتها الاقتصادية وتعزيز مكانتها كمحور استثماري عالمي، فيما تبحث باكستان عن شركاء قادرين على دعم اقتصادها وتعزيز بنيتها التحتية في مواجهة التحديات المالية المتصاعدة.
نحو مجلس تنسيق أعلى
واتفق الطرفان على المضي قدمًا في التحضير لعقد اجتماع مجلس التنسيق الأعلى السعودي–الباكستاني، الذي يُنتظر أن يشكل منصة مؤسسية لتنظيم التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
ومن المتوقع أن يسهم المجلس في وضع آليات تنفيذية للاتفاقات الموقعة، ومتابعة المشروعات الكبرى بما يضمن تحقيق الأهداف المشتركة.

