في حدث يوصف بأنه الأهم منذ عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تستعد الأوساط السياسية والاقتصادية في المنطقة لمتابعة الزيارة المرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى المملكة العربية السعودية، الثلاثاء المقبل.
ووفق وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، فإن الزيارة تأتي تلبية لدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث سيشارك الشرع في النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، المنعقد في العاصمة السعودية الرياض.
توقيت استثنائي
وقالت مصادر: إن زيارة الشرع إلى الرياض تكتسب أهمية استثنائية على أكثر من صعيد، فهي الأولى من نوعها بهذا المستوى منذ أكثر من عقد من الجفاء السياسي بين دمشق والرياض.
ما هي دلالات التوقيت؟
وأوضحت المصادر، أن الزيارة تأتي في توقيت يحمل رمزية سياسية بالغة، خصوصاً أنها تسبق بأسابيع انعقاد القمة العربية الاقتصادية في البحرين، وتواكب مرحلة من إعادة التموضع الإقليمي، حيث تسعى الدول العربية إلى صياغة توازن جديد في العلاقات الإقليمية بعد سنوات من الأزمات والحروب.
وترى المصادر، أن توقيت الزيارة ليس عفويًا، بل يرتبط بعدة عوامل متداخلة منها التحولات في العلاقات العربية – الإيرانية، فبعد اتفاق التقارب بين الرياض وطهران برعاية صينية في 2023، برزت حاجة لدى الطرفين لإدارة الملفات الإقليمية بحذر، ومن بينها الملف السوري.
كما َأضافت المصادر، أن المملكة تسعى إلى إطلاق شراكات اقتصادية جديدة في سوريا ضمن رؤية 2030، خصوصًا في مجالات البنية التحتية والطاقة والقطاع الصحي، ما يجعل المشاركة السورية في مؤتمر الاستثمار خطوة تمهيدية لذلك.
ما هي الدلالات الإقليمية للقاء الشرع بولي العهد السعودي؟
وذكرت المصادر، أن اللقاء بين الرئيس السوري وولي العهد السعودي يعتبر أول لقاء مباشر على هذا المستوى منذ أكثر من عقد، ويحمل دلالات سياسية عميقة منها أن الرياض تسعى لترسيخ دورها كقائد إقليمي يدير الحوار مع جميع الأطراف، بما في ذلك دمشق، كما تسعى سوريا إلى كسر عزلتها الدولية واستقطاب الاستثمارات العربية لتخفيف أزمتها الاقتصادية الحادة، ومن جهة أخرى، ترى المملكة في سوريا ساحة استراتيجية يمكن من خلالها تعزيز نفوذها في المشرق العربي وموازنة النفوذ الإيراني.
يذكر أنه في ظل دلالات التوقيت وتعدد الرسائل، يبدو أن لقاء الشرع بولي العهد السعودي لن يكون مجرد لقاء بروتوكولي، بل خطوة أولى في مسار طويل لإعادة رسم خريطة التفاعلات العربية في الشرق الأوسط.

