تشير التطورات الأخيرة إلى أن حركة حماس باتت أقرب من أي وقت مضى إلى الموافقة على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرامية إلى إنهاء الحرب الدائرة في غزة.
الإشارات تعكس تحولات واضحة في موقف الحركة، بعد أسابيع من التردد والمساومات السياسية والعسكرية، وهو ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تعيد تشكيل المشهد الفلسطيني والإقليمي برمته.
بنود جوهرية في الخطة الأميركية
الخطة التي طرحها ترامب تتضمن وقفًا فوريًا لإطلاق النار في قطاع غزة، إلى جانب الإفراج المتبادل عن الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، مع ضمان تدفق أكبر للمساعدات الإنسانية للقطاع.
كما تنص على تشكيل سلطة انتقالية من التكنوقراط الفلسطينيين، تعمل تحت إشراف “مجلس سلام” دولي برئاسة ترامب، وعضوية شخصيات بارزة مثل توني بلير.
وتحتفظ إسرائيل في المقابل بالسيطرة الأمنية على محيط القطاع، في حين يفتح المجال أمام ترتيبات أوسع لإدارة غزة بشكل مرحلي، وصولاً إلى تسوية سياسية أكثر شمولاً.
الحسابات المعقدة لحماس
قبول حماس بالخطة لا يبدو خيارًا سهلاً، لكنه يعكس براغماتية سياسية تحاول من خلالها الحركة تجنب مزيد من الخسائر البشرية والميدانية.
والموافقة المشروطة تسمح لها بكسب وقت إضافي، وضمان التزامات تتعلق بوقف الاغتيالات ضد قياداتها في الخارج، ووضع جدول زمني واضح لانسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض مناطق القطاع.
كما أن الحركة تحاول من خلال هذا المسار الحفاظ على موقعها كفاعل رئيسي في القرار الفلسطيني، دون أن تُقصى تمامًا من المشهد لصالح السلطة الفلسطينية أو أي ترتيبات دولية أخرى.
السلطة الفلسطينية والترحيب الحذر
في المقابل، بدت السلطة الفلسطينية أكثر ترحيبًا بالخطة، معتبرة أنها تشكل مدخلاً لإعادة إطلاق العملية السياسية، وتؤسس لقيام دولة فلسطينية حديثة غير مسلحة.
رغم أن الخطة لا تمنح السلطة دورًا فوريًا في إدارة غزة، إلا أنها تفتح الباب أمام عودتها التدريجية للقطاع بعد تنفيذ إصلاحات سياسية وأمنية مطلوبة.
هذا الموقف يعكس رغبة السلطة في استثمار الدعم الأميركي، مع إدراكها أن أي تسوية مستقبلية لا يمكن أن تتجاوز دورها السياسي والمؤسساتي.
ترامب والضغط بالوقت
الرئيس الأميركي أمهل حماس أيامًا قليلة للرد، محذرًا من “عواقب غير سعيدة” في حال رفضت الحركة الخطة.
هذه المهلة الزمنية القصيرة تعكس رغبة ترامب في تحقيق اختراق سريع، يجمع بين استعادة الرهائن وفرض تهدئة طويلة الأمد، بما يعزز صورته كصانع للسلام في الشرق الأوسط.
وبذلك، يستخدم ترامب ورقة الضغط بالوقت لإجبار الأطراف على حسم خياراتها، في وقت لا يبدو فيه أن إسرائيل مستعدة للتنازل عن مكاسبها العسكرية ما لم تحصل على ضمانات واضحة.
الموافقة المبدئية لحماس، إن تأكدت، ستفتح الباب أمام مرحلة انتقالية حساسة قد تتخللها عقبات سياسية وأمنية.
الخلافات حول تفاصيل الانسحاب الإسرائيلي، وضمانات حماية قادة الحركة، إضافة إلى مستقبل الإدارة المدنية في القطاع، كلها ملفات قد تفجر جولات جديدة من الجدل وربما التصعيد.
لكن في حال نجاح الخطة، فإنها قد تؤسس لمرحلة مختلفة عنوانها إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وإطلاق مسار أوسع نحو تسوية سياسية إقليمية تشمل ملفات أخرى عالقة.