منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، يعيش الأطفال في قلب مأساة إنسانية غير مسبوقة، معاناة كبري من دمار ورصاص اخترق جدران المنازل، الحرب نهشت مستقبل الأطفال بشكل مباشر.
ورصاص المعارك لم يكتفِ باختراق جدران البيوت، بل اخترق مستقبل جيل كامل بات محرومًا من أبسط حقوقه في التعليم والأمن والصحة، والمدارس تحولت إلى ثكنات عسكرية أو مباني مهجورة، فيما تفرقت دفاتر الصغار وألعابهم بين ركام الفصول المحطمة، وفي مشهد يلخص المأساة، يقف الأطفال في الخرطوم ومدن أخرى على أنقاض أحلامهم الضائعة، رهائن لصراع لا يد لهم فيه.
نزوح قياسي ومعاناة متجددة
تؤكد تقارير الأمم المتحدة، أن السودان يعيش واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، حيث اضطر أكثر من 12.1 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم، بينهم نحو 5 ملايين طفل بلا مأوى.
هؤلاء الصغار يسيرون مع أمهاتهم مسافات طويلة قد تمتد لعشرين يومًا للوصول إلى مخيمات مكتظة تفتقر إلى الماء النظيف والغذاء والدواء.
مشاهد الإرهاق والجوع على وجوههم تعكس عمق المعاناة، بينما تظل الخدمات الإنسانية أقل بكثير من حجم الكارثة.
جوع يهدد حياة الملايين
الأزمة الغذائية تمثل الخطر الأكبر على مستقبل الأطفال. الأمم المتحدة حذرت من أن 3.2 مليون طفل دون سن الخامسة مهددون بسوء التغذية الحاد هذا العام، بينهم 700 ألف يواجهون خطرًا مباشرًا على حياتهم.
الرقم المفزع يكشف أن التجويع أصبح أداة حرب، حيث تُمنع المساعدات من الوصول إلى المدنيين في بعض مناطق الحصار. والأسوأ أن بعض الأطفال جُندوا أو استُخدموا في النزاع، ما يضاعف حجم المأساة.
انهيار المنظومة الصحية
الوضع الصحي في السودان ينهار بسرعة.. مستشفيات تعرضت للنهب والتدمير، فيما تفشت أوبئة مثل الكوليرا وسوء التغذية بشكل يهدد حياة الآلاف، في مناطق مثل جبل أولياء، يواجه الأطفال اكتظاظًا خانقًا في المراكز الطبية، مع غياب الأدوية والخدمات الأساسية.
بالرغم من جهود المنظمات الدولية وعلى رأسها اليونيسف، فإن التمويل المحدود والاضطرابات الأمنية يعرقلان وصول الدعم بشكل فعال.
النساء والأسر الأكثر هشاشة
النساء والأطفال يمثلون الفئة الأكثر هشاشة في هذه الحرب، حيث ان تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن الأسر التي ترأسها نساء معرضة لانعدام الأمن الغذائي بثلاثة أضعاف مقارنة بغيرها.
ومع توقف أكثر من نصف المبادرات المحلية مثل المطابخ المجتمعية بسبب نقص الموارد، تجد هذه الأسر نفسها أمام كارثة مركبة: جوع، نزوح، وانعدام حماية.
طفولة على حافة الضياع
مع مرور الوقت، تتفاقم مخاطر فقدان جيل كامل. الانتهاكات لم تقتصر على الجوع والنزوح، بل شملت العنف الجنسي والاستغلال، وهو ما يعكس انهيارًا خطيرًا في منظومة حماية الطفولة.
كل رقم في تقارير الأمم المتحدة يختزل حكاية طفل حرم من حقه في الحياة الكريمة، وأسرة تفككت تحت وطأة الحرب، ومجتمع يقترب من الانهيار الشامل.
مطالبات فورية بإنهاء الحرب
المجتمع الدولي أطلق مرارًا نداءات عاجلة لإنقاذ المدنيين، لكن الأزمة تجاوزت القدرات الحالية للمنظمات الإنسانية. الحرب في السودان لا تدمر الحاضر فقط، بل تهدد بضياع مستقبل أجيال كاملة.
ومع تزايد التحذيرات، يظل الحل الوحيد لإنقاذ الأطفال والسودانيين كافة هو إنهاء الحرب بشكل عاجل، وفتح الطريق أمام تسوية سياسية شاملة تعيد للبلاد أمنها، وتمنح الأطفال الحق في الطفولة والأمل في غدٍ أفضل.