جدد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني موقف بلاده الداعم لحل الدولتين، مؤكدًا -خلال لقائه بنظيرته الفلسطينية فارسين أغابيكيان في وزارة الخارجية بروما- أن هذا الحل يبقى السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.
تاياني شدد على أن بلاده ملتزمة بترجمة هذا الموقف السياسي إلى خطوات عملية، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو عبر تعزيز الحوار المباشر مع السلطة الوطنية الفلسطينية.
زيارة تحمل أبعادًا إنسانية
لم يقتصر اللقاء على البعد السياسي، بل حمل أيضًا رسائل إنسانية لافتة. فقد توجه الوزيران برفقة وزيرة الجامعات والبحث العلمي الإيطالية آنا ماريا برنيني إلى مستشفى “أومبرتو الأول” في روما لزيارة أطفال فلسطينيين تم إجلاؤهم من غزة لتلقي العلاج.
الزيارة امتدت كذلك إلى مستشفى “بامبينو جيسو” للأطفال، الذي استقبل منذ بدء عمليات الإجلاء الطبي أكثر من 25 طفلاً فلسطينيًا، غادر معظمهم بعد تحسن حالتهم.
هذه الخطوة تعكس التزام إيطاليا العملي بالتخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين، في وقت يستمر فيه التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية.
إيطاليا بين السياسة والاستضافة
تاياني أوضح -خلال جولته-، أن بلاده تعد من أكثر الدول استقبالاً للاجئين الفلسطينيين، إلى جانب الإمارات وتركيا وقطر ومصر، مؤكدًا استعداد إيطاليا لتوسيع جهودها عبر استقبال المزيد من الأطفال والطلاب الفلسطينيين.
لكنه أشار -في الوقت نفسه-، أن هذه الإجراءات الإنسانية ليست سهلة، إذ تتطلب ترتيبات دقيقة مع السلطات الإسرائيلية بما في ذلك الجيش وجهاز “الشاباك” والموساد.
التصريح يعكس إدراك روما لتعقيدات الملف الفلسطيني، لكنه يؤكد في الوقت نفسه رغبتها في المضي قدمًا بدورها الإنساني والسياسي.
موقف متوازن من حرب غزة
في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عُقد في قصر جيميلي، أعاد تاياني التأكيد على مطالبة بلاده بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، بالتوازي مع إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
وأوضح، أن إيطاليا تعارض أي عملية عسكرية جديدة تستهدف مدينة غزة، مشددًا على أن الحل لا يمكن أن يأتي عبر القوة بل عبر التفاوض السياسي، وهذا الموقف يعكس توازن الدبلوماسية الإيطالية بين دعمها لإسرائيل من جهة، وحرصها على حماية المدنيين الفلسطينيين وتعزيز حضور السلطة الوطنية الفلسطينية من جهة أخرى.
دور محوري للسلطة الوطنية الفلسطينية
ويعد أحد أبرز الرسائل التي حرص وزير الخارجية الإيطالي على إيصالها تمثلت في دعمه الصريح للسلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها “المحاور الشرعي والوحيد” للشعب الفلسطيني.
تاياني أكد أن مستقبل غزة لا يجب أن يشمل حركة “حماس”، وأن السلطة الوطنية مطالبة بالاضطلاع بدور قيادي في إعادة الإعمار وصياغة مستقبل القطاع.
هذه الرؤية تتقاطع مع الموقف الأوروبي التقليدي الذي يرفض التعامل مع حماس، ويرى في السلطة الفلسطينية شريكًا شرعيًا يمكن الاعتماد عليه.
ضغط دولي يتصاعد
رغم أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ترى أن الاعتراف المبكر بالدولة الفلسطينية قد يكون متسرعًا دون وجود تسوية سياسية على الأرض، إلا أن تحركات وزارة الخارجية تؤكد أن روما تسعى لزيادة الضغط على إسرائيل عبر تمسكها بحل الدولتين ودعمها للسلطة الفلسطينية.
في المقابل، يعلق الفلسطينيون آمالاً على أن يساهم هذا الدعم الأوروبي المتزايد في كبح جماح آلة الحرب الإسرائيلية، وفتح أفق سياسي يضع القضية الفلسطينية مجددًا على أجندة المجتمع الدولي.