منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وبدء اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أخذت معاناة الأسرى الفلسطينيين بعدًا غير مسبوق، لتشكّل واحدة من أكثر الملفات الإنسانية والسياسية تعقيدًا منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.
عدد المعتقلين الفلسطينيين
كشفت مؤسسات متخصصة في شؤون الأسرى، عن آخر الإحصائيات في ملف الأسرى الفلسطينيين، حيث بلغ عدد المعتقلين داخل سجون الاحتلال حتى أغسطس/ آب 2025 نحو 10,800 أسير، بينهم 49 أسيرة – من بينهن أسيرتان من غزة – وقرابة 450 طفلاً.
وفيما يخص عدد المعتقلين الإداريين فقد ارتفع إلى حوالي 3,613 معتقلاً، في حين سُجّل أكثر من 2,378 معتقلاً مصنفين تحت بند “المقاتلين غير الشرعيين”، وهو تصنيف قانوني يُجرّد المعتقل من أبسط حقوقه الإنسانية ويضعه في دائرة الإخفاء القسري، وهو ما زاد مؤخرًا مع حرب غزة الأخيرة.
هذه الأرقام لا تشمل المحتجزين في المعسكرات العسكرية التي أنشأها جيش الاحتلال، والتي وُصفت من قبل مؤسسات حقوقية بأنها “مراكز تعذيب ممنهجة”، من أبرزها معسكر سديه تيمان، الذي تحوّل إلى رمز للانتهاكات بحق معتقلي غزة، إلى جانب معسكرات أخرى مثل: “ركيفت”، “عناتوت”، “نفتالي”، و”منشة”.
وتكشف شهادات الأسرى والمفرج عنهم عن مستويات صادمة من التعذيب، التجويع، والجرائم الطبية، وصلت حدّ الاعتداءات الجنسية والاغتصاب، وهو ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أعداد الشهداء داخل السجون.
أرقام صادمة في ملف الأسرى الفلسطينيين منذ بداية الصراع
منذ بداية حرب 7 أكتوبر 2023، وثّقت المؤسسات الحقوقية نحو 16,400 حالة اعتقال حتى أبريل/نيسان 2025، من بينهم أكثر من 510 امرأة وحوالي 1,300 طفل، عدا عن الآلاف من سكان غزة الذين احتجزوا في ظروف غير معلنة.
ومنذ عام 1967 وحتى نهاية 2024، تشير التقديرات إلى أن نحو مليون فلسطيني مروا بتجربة الاعتقال، بينهم 50 ألف طفل وأكثر من 17 ألف امرأة.
انتهاكات ممنهجة ضد الأسرى وعائلاتهم
إلى جانب الاعتقال، اتبعت سلطات الاحتلال سياسة ممنهجة من التنكيل بالعائلات، شملت هدم منازل أسرى، مصادرة ممتلكات وأموال، وحتى استخدام أفراد من العائلات كرهائن أو معتقلين كـ”دروع بشرية”، كما منعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الوصول إلى المعتقلين، ما عمّق سياسة العزل والإخفاء.
ومن الجانب السياسي، تكشف هذه الممارسات غير الشرعية والانتهاكات عن نهج إسرائيلي يسعى إلى كسر البنية الاجتماعية الفلسطينية عبر استهداف الأسرى باعتبارهم ركنًا أساسيًا في النسيج الوطني والمقاوم، كذلك الوضع على الجانب الإنساني الصورة أكثر قتامة؛ إذ تُظهر الإحصاءات تضاعف أعداد المرضى والجرحى داخل السجون، في ظل حرمانهم من أبسط حقوقهم في الرعاية والعلاج واتباع سياسة “الموت البطيء”، وسط صمت دولي مطبق.
وفي ظل استمرار الحرب على غزة، يبدو أن ملف الأسرى يتجه إلى مزيد من التعقيد، مع غياب أي أفق سياسي لصفقات تبادل جديدة أو ضغوط دولية جادّة لوقف الانتهاكات، وهو ما يطرح سؤالاً محوريًا: هل يبقى المجتمع الدولي متفرجًا على مأساة إنسانية تتوسع في السجون كما في الميدان؟