وسط تصاعد الأحداث الدامية التي يعيشها اليمن، ومع تزايد الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي الإرهابية بحق المدنيين، جاء اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري ليكشف حجم المأساة التي يواجهها اليمنيون.
وفي هذا السياق، أصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات تقريرًا جديدًا تضمن أرقامًا صادمة توثق حجم الانتهاكات المروعة التي تحولت إلى سياسة ممنهجة تمارسها الميليشيات لفرض قبضتها الحديدية على المجتمع.
حصيلة مرعبة توثق الإخفاء القسري
بحسب التقرير، فقد تم توثيق 2678 حالة إخفاء قسري في مختلف مناطق اليمن خلال الفترة الممتدة من يناير 2018 وحتى أبريل 2025، موزعة على 17 محافظة يمنية.
الأرقام لم تقتصر على الرجال فقط، بل شملت نساء وأطفالاً، إلى جانب سياسيين ونشطاء حقوقيين وإعلاميين وأطباء وأكاديميين ومحامين وتجار وعسكريين.
التنوع في الفئات المستهدفة يكشف بوضوح، أن الإخفاء القسري لم يعد مجرد ممارسة أمنية معزولة، بل أصبح أداة استراتيجية تهدف إلى إخضاع كل شرائح المجتمع.
شبكة سرية من السجون والمعتقلات
التقرير أوضح، أن ميليشيات الحوثي تدير شبكة واسعة من أماكن الاحتجاز يصل عددها إلى أكثر من 640 سجنًا، منها مواقع سرية غير معلنة.
هذه السجون وفق الشهادات تحولت إلى ما يشبه مسلخًا بشريًا، حيث يتعرض المختطفون إلى أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الحرمان من الطعام والدواء، والعزل الانفرادي لفترات طويلة.
العاصمة صنعاء تصدرت قائمة الانتهاكات، إذ رُصدت فيها مئات الحالات من التعذيب والوفاة داخل مراكز الاحتجاز، الضحايا لم يكونوا فقط من فئة الشباب، بل شملت القائمة نساءً وأطفالًا وكبار سن، ما يعكس اتساع دائرة الاستهداف وشموليتها.
جرائم ممنهجة لا تقل عن جرائم ضد الإنسانية
يرى حقوقيون، أن ما يحدث في اليمن على أيدي الحوثيين لا يمكن اعتباره مجرد خروقات فردية، بل يمثل سياسة ممنهجة ومتعمدة تهدف إلى السيطرة الكاملة على المجتمع.
النمط من الانتهاكات، والذي يشمل الإخفاء القسري والتعذيب والتصفية الجسدية، يجعل الجرائم أقرب إلى جرائم ضد الإنسانية التي يعاقب عليها القانون الدولي، ويضع الميليشيات أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية لا يمكن تجاهلها.
المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي
التقرير لم يكتفِ بتوثيق الأرقام والانتهاكات، بل حمل المجتمع الدولي مسؤولية التدخل العاجل، وطالب التقرير الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، بضرورة التحرك السريع لوقف الاعتقالات التعسفية، والضغط على الحوثيين للإفراج عن جميع المحتجزين، مع ضمان تعويض أسر الضحايا.
كما شدد على أهمية ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم وعدم تركهم يفلتون من العقاب، مؤكدًا أن التغاضي عن هذه الممارسات يعني مزيدًا من الانحدار في وضع حقوق الإنسان باليمن.
وقد خلص التقرير، أن استمرار هذه الانتهاكات يعكس حجم التدهور الخطير الذي يعيشه اليمن على صعيد حقوق الإنسان.
الإخفاء القسري أصبح اليوم سلاحًا يضرب عمق المجتمع اليمني، ويزرع الخوف في نفوس كل من يفكر في معارضة الميليشيات أو حتى مجرد التعبير عن رأيه.