بينما يقترب موعد تقديم الجيش اللبناني خطته حول حصر السلاح بيد الدولة إلى الحكومة، برز موقف حاسم من حزب الله أعاد التأكيد على تمسكه بسلاحه، رافضًا حتى مجرد مناقشة خطوات شكلية قد تمهد لتسوية أو صيغة وسطية.
الموقف الصارم يعكس أبعادًا سياسية وأمنية أعمق، ويضع الحكومة اللبنانية أمام تحديات مصيرية قد تحدد شكل الدولة ومستقبلها.
تمسك مطلق بالسلاح
رغم الاجتماعات المتتالية التي عقدت بين حزب الله وموفدي رئيس الجمهورية، لم يفض الحوار إلى أي نتيجة عملية، الحزب أوضح بوضوح أنه يعتبر ملف “حصر السلاح” بمثابة إعلان مواجهة، مؤكدًا أن حضوره لجلسات الحكومة لا يعني التخلي عن خيار التصعيد في الشارع عند الضرورة.
وبذلك وجه رسالة قاطعة مفادها أن سلاحه غير قابل للنقاش، حتى على المستوى الرمزي أو الإجرائي.
خطة الجيش بين التوقيت والجدوى
الحكومة اللبنانية كانت قد كلّفت الجيش إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة، على أن تُعرض نهاية الشهر الحالي، مع جدول زمني يمتد حتى نهاية 2025.
إلا أن ما تسرب من هذه الخطة يشير إلى أنها قد تُطرح من دون تحديد فترة زمنية صارمة، تجنبًا لصدام مباشر مع القوى المسلحة وعلى رأسها حزب الله.
الغموض الحالي يعكس إدراك الدولة لصعوبة فرض قرارها على أرض الواقع، في ظل موازين القوى الحالية.
معضلة سلاح المخيمات
بالتوازي مع ملف سلاح حزب الله، يبقى سلاح المخيمات الفلسطينية هاجسًا آخر أمام الدولة اللبنانية.
عمليات التسليم المحدودة التي شهدها مخيم برج البراجنة حديثًا بدت أقرب إلى خطوة رمزية غير مكتملة، إذ لم تُحسم آليات التنفيذ ولا المهل الزمنية بدقة.
وفي ظل التوترات الداخلية في المخيمات، خصوصًا مع قضايا مرتبطة بتهريب السلاح والنزاعات بين تجار المخدرات، تبدو معالجة هذا الملف أكثر تعقيداً مما يُعلن رسميًا.
حماس وفتح.. توتر متجدد
العلاقة المتذبذبة بين حركتي فتح وحماس داخل المخيمات تعمّق الأزمة، فبينما تتمسك فتح بسلاحها، لم تُعلن حماس موقفًا واضحًا بشأن التخلي عن السلاح، وهو ما يبقي احتمالات الاشتباك قائمة.
هذا الواقع يفتح الباب أمام انقسامات فلسطينية داخلية قد تنعكس سلبًا على الساحة اللبنانية، وتؤدي إلى مزيد من هشاشة الوضع الأمني.
البعد الطائفي والضغط الدولي
حزب الله لم يتردد في تحويل ملف السلاح إلى قضية طائفية، معتبرًا أن القرار الحكومي محاولة لـ”نزع سلاح الشيعة”.
هذا الخطاب يرفع تكلفة أي مواجهة سياسية معه، إذ يحول النقاش من كونه نزاعاً بين الدولة وحزب مسلّح إلى مواجهة مع مكوّن لبناني بأكمله.
في الوقت نفسه، يبرز عامل الضغط الدولي، إذ تطالب واشنطن بجدول زمني لإنهاء مهمة قوات “يونيفيل” في الجنوب، ما يضع لبنان أمام استحقاق دولي إضافي يتقاطع مع ملف سلاح الحزب.
تصريحات قيادات حزب الله، ولا سيما ما صدر عن الشيخ نعيم قاسم، حملت تهديدًا مباشرًا: نزع السلاح يعني حربًا أهلية تدمّر لبنان.
وبينما يرفع الحزب شعارات “المقاومة” و”الردع ضد إسرائيل”، تكشف التجارب السابقة أن قبوله بالهدنة أو الانسحاب لم يكن حرصًَا على لبنان، بل حفاظاً على بقاء الحزب ذاته. هذه المفارقة تجعل من الصعب فصل سلاح الحزب عن مصالحه السياسية والوظيفية المرتبطة بإيران.