في ظل التدهور المستمر للوضع الإنساني والاقتصادي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، كشفت وثيقة مسرّبة من سجن النساء المركزي في صنعاء عن تصاعد غير مسبوق في الانتهاكات الممنهجة بحق المعتقلات، من خلال قرارات تمنع إدخال مواد غذائية وأدوات نظافة أساسية.
الوثيقة، الصادرة عن إدارة السجن التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا، تنص على حظر إدخال الماء، السكر، الخضروات، والعسل إلى نزيلات السجن.

كما شملت قائمة المنع أدوات النظافة الشخصية، ما دفع مراقبين إلى اعتبارها محاولة لإخضاع المعتقلات عبر سياسة التجويع والإذلال.
استغلال إنساني واقتصادي خلف القضبان
القرارات الجديدة لا تأتي بمعزل عن سياق أوسع من القمع الذي تمارسه الميليشيا بحق النساء اليمنيات.
وحسب مصادر محلية، يُستخدم سجن النساء في صنعاء ليس فقط كمكان احتجاز، بل كمركز للتحقيق والإكراه والضغط على عائلات المعتقلات، وبعضهن محتجزات دون تهم واضحة أو إجراءات قانونية سليمة.
وتعد هذه الخطوة امتدادًا لسياسة تجويع وتفقير ممنهجة تطال عموم الشعب اليمني، ولكنها تأخذ طابعًا أكثر فظاعة داخل أماكن الاحتجاز، حيث تتحكم السلطات الحوثية بكافة مفاصل الحياة اليومية للمعتقلات، بما فيها الحق في النظافة والحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
الغياب الدولي وازدواجية المعايير
رغم ما تكشفه التقارير والوثائق المسرّبة من ممارسات ممنهجة، ما تزال ردود الفعل الدولية خافتة، ولا تقابل هذه الانتهاكات سوى ببيانات “قلق” موسمية من بعض المنظمات.
الصمت المريب، يرى فيه نشطاء حقوقيون نوعًا من التواطؤ غير المباشر، خاصة في ظل تضاؤل تغطية قضايا النساء المعتقلات في اليمن إعلاميًا.
وفي ظل هذا الغياب الدولي، تواصل ميليشيا الحوثي توسيع دائرة الاعتقال بحق الناشطات والموظفات والطالبات، مستفيدة من غياب الضغط الحقوقي الحقيقي وضعف قنوات المحاسبة الدولية.
انهيار منظومة الدولة وتحول السجون إلى مراكز جباية
يرى خبراء يمنيون، أن إجراءات التضييق داخل السجون، بما فيها سجن النساء المركزي، ليست فقط وسيلة عقاب سياسي، بل تعبر عن انهيار شامل في منظومة الدولة التي باتت تُدار بعقلية الغنيمة والجباية.
حيث تُستخدم السجون كمصدر للتمويل، من خلال فرض رسوم وجبايات غير قانونية على ذوي المعتقلين مقابل إدخال الطعام أو زيارة السجينات.
هذا النمط من الاستغلال يتقاطع مع ما يعيشه الشارع اليمني من ارتفاع جنوني في الأسعار، واحتكار حوثي لموارد الدولة والعملة، ما دفع بالبلاد إلى شفير انهيار اقتصادي كامل.
وأمام هذا الواقع القاتم، تبدو أوضاع السجينات في صنعاء كمرآة حقيقية لفشل نظام حوثي لا يمتلك سوى أدوات القمع والإذلال كوسيلة للحكم.
وبينما يتصاعد التضييق داخل السجون، تزداد مخاوف اليمنيين من اتساع رقعة القمع، خاصة في ظل إفلات الجماعة من العقاب.