في خطوة لافتة تعكس تحولًا محتملًا في تعاطي الإدارة الأمريكية مع جماعة الإخوان المسلمين، أعلن السيناتور الجمهوري البارز تيد كروز عزمه تقديم مشروع قانون لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، في إطار ما وصفه بـ”نهج قانوني حديث” يستهدف فروع التنظيم بدلًا من بنيته العالمية غير المحددة.
يحمل التشريع المقترح عنوان “قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية لعام 2025″، ويعتمد على استراتيجية تشريعية جديدة تهدف إلى مواجهة الجماعة من خلال تجفيف مصادر تمويلها وملاحقة واجهاتها الإقليمية، في ظل دعم سياسي وتنظيمي واسع داخل أوساط المحافظين في واشنطن.
دعم سياسي ومنظمات مؤثرة خلف المشروع
ويحظى مشروع القانون بدعم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، من بينهم جون بوزمان، توم كوتون، ديف ماكورميك، آشلي مودي، وريك سكوت.
كما حازت الخطوة على تأييد لافت من منظمات ضغط بارزة، أبرزها لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC)، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD Action)، ومسيحيون متحدون من أجل إسرائيل (CUFI).
وتُشير هذه المنظمات إلى تورط الجماعة في دعم تنظيمات متطرفة في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها حركة “حماس”، معتبرة أن الإخوان يمثلون تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة.
بنود التشريع.. صلاحيات أوسع للخارجية الأمريكية
ينص المشروع على منح وزارة الخارجية الأمريكية صلاحيات موسعة لتصنيف الفروع المرتبطة بالجماعة ككيانات إرهابية، مع إلزامها بإعداد قائمة شاملة لهذه الفروع خلال 90 يومًا من دخول القانون حيز التنفيذ، كما يتيح التشريع ثلاثة مسارات متكاملة للتصنيف، بداية من تصنيف عبر الكونغرس بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 1987.
وثانياً، تصنيف رسمي من وزارة الخارجية كـ”منظمة إرهابية أجنبية”، وإدراج الجماعة على قوائم الإرهاب العالمي.
وبموجب هذه التصنيفات، سيمنع المواطنون الأمريكيون من تمويل أو التعامل مع الجماعة، كما سيتم تجميد أصولها وملاحقة أي أنشطة مالية مشبوهة ترتبط بها داخل الأراضي الأميركية.
التأثير المباشر على الجماعة وتنظيمها الدولي
في حال إقرار المشروع، من المتوقع أن تتعرض الجماعة، خصوصًا تنظيمها الدولي، لضغوط قانونية ومالية غير مسبوقة.
البنية الشبكية التي تعتمدها الإخوان، والتي تضم مؤسسات وجمعيات واجهات في عدد من الدول الغربية، ستكون تحت الرقابة المباشرة من قبل واشنطن.
كما أن التصنيف سيقيد حركة قيادات الجماعة حول العالم، وسيفتح الباب أمام إعادة النظر في شرعية نشاطاتها الإعلامية والخيرية، خاصة في الدول التي تستضيف مكاتب أو منابر محسوبة على التنظيم.
هل تحذو أوروبا ودول أخرى حذو واشنطن؟
ويبقى التساؤل مفتوحًا حول ما إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي أو أطراف دولية أخرى ستتبنى النهج الأمريكي في تصنيف الجماعة. حتى اللحظة، تتباين المواقف الأوروبية؛ ففيما تتجه بعض الدول مثل فرنسا والنمسا إلى التضييق على الجماعة واعتبارها جزءًا من الطيف المتطرف، تلتزم دول أخرى مثل ألمانيا والبرتغال الحذر في التعامل معها ضمن أطر قانونية تقليدية.
لكن صدور تصنيف رسمي من الكونغرس أو وزارة الخارجية الأميركية قد يمثل عامل ضغط كبير على العواصم الأوروبية لمراجعة سياساتها تجاه الجماعة، خصوصًا في ظل ما تعتبره بعض الحكومات الأوروبية تهديدًا أيديولوجيًا متناميًا يمس قيمها الديمقراطية والتعددية.
هل هي نهاية مشروع الإخوان في الغرب؟
يرى مراقبون أن المشروع المقترح يعكس تحولًا في المزاج السياسي الأمريكي تجاه الحركات الإسلامية العابرة للحدود، وأن تمريره سيكون بمثابة ضربة قاصمة للمشروع الدولي لجماعة الإخوان، الذي طالما استفاد من الفضاءات المفتوحة في الغرب.
كما أنه قد يعيد رسم العلاقات الأمريكية – العربية، عبر توطيد التعاون الأمني مع دول ترى في الإخوان تهديدًا استراتيجيًا، ويضع الجماعة أمام معادلة جديدة، إما التحول إلى كيان محلي منزوع الأنياب، أو مواجهة التفكك التنظيمي والملاحقة القانونية العابرة للقارات.