تشهد مدينة تعز اليمنية واحدة من أسوأ أزماتها المعيشية منذ بداية الحرب، حيث تحولت المياه، أحد أبسط الحقوق الإنسانية، إلى أداة ابتزاز سياسي ومصدر جني أرباح لقوى الأمر الواقع التابعة لحزب الإصلاح الجناح السياسي لجماعة الإخوان الإرهابية.
في مشهد عبثي، لم تعد المياه توزع وفق الاحتياج، بل تدار وفق المصالح والمساومات، وسط صمت محلي ودولي مريب.
قيود متعمدة على دخول المياه
وقد فرضت السلطات الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح قيودًا صارمة على شاحنات نقل المياه القادمة من مناطق مثل الضباب وصبر، وأجبرت السائقين على توقيع تعهدات بعدم إيصال أي كميات إلى أحياء المدينة.
ومن يخالف التعليمات يتعرض لغرامات تصل إلى 100 ألف ريال يمني، ويُحتجز مركبته كعقوبة.
هذه الإجراءات المجحفة تأتي في وقت تعاني فيه المدينة من شح مائي غير مسبوق؛ ما أدى إلى تضاعف أسعار المياه، وتحويلها إلى سلعة نادرة لا يقدر على شرائها سوى القادرين، بينما يواجه الآلاف خطر العطش وأمراض التلوث.
آبار تحت السيطرة.. ومنفعة خاصة
أشارت تقارير ميدانية، أن شخصيات نافذة محسوبة على جماعة الإخوان تتحكم في آبار المياه ووسائل التوزيع.
وتتهم هذه الأطراف بافتعال الأزمات وتضخيمها من أجل تحقيق مكاسب مالية، عبر بيع المياه في السوق السوداء أو عبر المحطات الخاصة التي تدار من خلف الكواليس.
الهدف من هذه السياسة لا يقف فقط عند جني الأرباح، بل يتعداه إلى تشتيت المواطنين عن المطالبة بخدماتهم الأساسية وحقوقهم المعيشية، لا سيما أن تعز كانت حتى وقت قريب ساحة نشطة لمظاهرات شعبية تطالب بتحسين مستوى المعيشة وصرف الرواتب.
اتهامات رسمية وشبكات فساد
في تسجيل مصور أثار غضبًا واسعًا، خرج مدير مؤسسة المياه في تعز، وثيق الأغبري، بتصريحات صريحة، اتهم فيها محطات التحلية بالتحايل على الدعم الحكومي، وتحويل ملايين اللترات من المياه إلى مشاريع تجارية غير خاضعة للرقابة، الأغبري منح هذه المحطات مهلة 48 ساعة لتحسين التوزيع، مهددًا بوقف التزويد.
تصريح الأغبري اعتبر بمثابة اعتراف رسمي بوجود شبكة فساد منظمة، تقف وراء تفاقم معاناة المواطنين، وتُسهّل تحويل الدعم إلى جيوب المنتفعين، بدلًا من توجيهه للفئات الأشد احتياجًا.
دبة الماء بألفي ريال.. أين الدولة؟
وصل سعر دبة المياه سعة 20 لترًا إلى 2000 ريال يمني، بعد أن كانت تُباع سابقًا بـ300 ريال فقط، هذا الارتفاع الجنوني يعكس حجم الأزمة، وسط غياب شبه تام لأي تدخل حكومي فعّال.
المواطنون يطالبون بإجراءات جذرية، من بينها إنشاء محطات تحلية حكومية تكسر احتكار القطاع الخاص، وتمنع تسليع الاحتياجات الأساسية.
الغضب الشعبي في تصاعد، والاتهامات تتوالى للسلطات المحلية بالتواطؤ مع تجار الأزمات، والتستر على قوى تستخدم الماء سلاحًا لتجويع الشعب وإخضاعه.