ذات صلة

جمع

ترسيخ للسيادة أم خرق للقانون؟.. أول محكمة دينية إسرائيلية في الضفة

في خطوة اعتبرها مراقبون تكريسًا لمشروع الضم الزاحف، أعلنت...

النهضة في مأزق وجودي.. هل تنقذها التحالفات الخارجية من الانهيار السياسي؟

تمر حركة النهضة التونسية، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان الإرهابية،...

بسبب جواسيس إسرائيل.. الرقابة تتوحش في طهران.. وسكان يخشون الأسوأ

تشهد إيران تصعيدًا أمنيًا متسارعًا عقب الحرب الأخيرة مع...

ترسيخ للسيادة أم خرق للقانون؟.. أول محكمة دينية إسرائيلية في الضفة

في خطوة اعتبرها مراقبون تكريسًا لمشروع الضم الزاحف، أعلنت المحاكم الحاخامية في مستوطنة أرييل بالضفة الغربية المحتلة أنها حصلت على “صفة رسمية كمحكمة مستقلة”، وفق ما نقل موقع تايمز أوف إسرائيل.

وتمثل هذه المرة الأولى التي تنشئ فيها إسرائيل محكمة مدنية رسمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة اعتبرها محللون ترسيخًا إضافيًا للسيادة الإسرائيلية على الضفة، عبر منظومات الخدمات المدنية والدينية.

تعزيز السيادة عبر الخدمات الدينية

من ناحيتها، أوضحت المحكمة الحاخامية في بيانها أن هذه الخطوة تهدف إلى “تعزيز السيادة في تقديم الخدمات الدينية”، في حين صرّح الحاخام الأكبر السفاردي، ديفيد يوسف، قائلًا: “جئنا اليوم لتعزيز الاستيطان”.

أما وزير المالية الإسرائيلي المتطرّف، بتسلئيل سموتريتش، فزعم أن هذه المحكمة “ستعزز قبضتنا على الأرض”، ما يعكس البعد الأيديولوجي للمشروع الاستيطاني الذي تقوده حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة.

محاكم حاخامية.. أداة قانونية في خدمة الاستيطان

وفق الموقع الإسرائيلي، تُعدّ المحاكم الحاخامية في إسرائيل جزءًا من السلطة القضائية الرسمية، وتتمتع بصلاحيات واسعة تشمل قضايا الزواج والطلاق، وتحديد الوضع اليهودي، وملفات اعتناق اليهودية.

وكانت محكمة أرييل تعمل سابقًا كفرع للمحكمة الحاخامية في مستوطنة بتاح تكفا، قبل أن تحصل الآن على استقلالها الكامل، ما يعزّز منطق “التواجد القانوني الإسرائيلي” في الأراضي المحتلة، في تحدٍ واضح للقانون الدولي.

انتقادات وتحذيرات دولية

شدّد منتقدو الخطوة، ومن بينهم خبراء قانون دولي ومنظمات حقوقية، على أن نقل “السلطة والخدمات المدنية” إلى المستوطنات في الضفة الغربية يُعدّ انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي، ويمثل شكلًا من أشكال الضم التدريجي، الذي طالما حذّرت منه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وتزامن الإعلان عن المحكمة الجديدة مع كشف القناة السابعة الإسرائيلية عن خطة بناء 267 وحدة استيطانية جديدة، بينها 150 وحدة في مستوطنة “غاني موديعين”، ضمن مشروع وُصف بأنه “غير مسبوق”.

وأشارت القناة إلى أنه منذ بداية عام 2025، دفعت سلطات الاحتلال نحو المصادقة على بناء 19,647 وحدة سكنية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهو رقم قياسي تاريخي يعكس تسارع مخططات التهويد والتوسع الاستيطاني.

توسع استيطاني غير مسبوق في الضفة

ترى تحليلات سياسية إسرائيلية وفلسطينية أن إنشاء محكمة حاخامية مستقلة في الضفة ليس خطوة معزولة، بل يأتي ضمن سياسة أوسع تهدف إلى تثبيت الوقائع الميدانية والقانونية، لإضعاف أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

كما تُعدّ هذه التحركات استمرارًا لاستراتيجية حكومة نتنياهو في استثمار الأزمات الإقليمية والانقسامات الفلسطينية لتعزيز مشروع الضم التدريجي، بدعم مباشر من أجنحة اليمين الديني والقومي المتطرف.

وفي ظل هذه المستجدات، يزداد المشهد في الضفة الغربية تعقيدًا، حيث تعكس القرارات الأخيرة رغبة الاحتلال في تكريس سيطرته عبر أدوات قانونية ودينية ومشاريع استيطانية واسعة.

ماذا يعني هذا القرار وتداعياته على مستقبل الضفة الغربية؟

يُعدّ إنشاء محكمة حاخامية مستقلة في مستوطنة أرييل خطوة رمزية وخطيرة في الوقت نفسه، لأنها تعكس انتقال إسرائيل من سياسة السيطرة العسكرية المؤقتة إلى فرض سلطة قانونية دائمة في الضفة الغربية.

وهذا القرار يعني فعليًا دمج المستوطنات ضمن المنظومة القضائية والمدنية الإسرائيلية، وكأنها جزء من “السيادة الإسرائيلية” الرسمية، وهو ما يُعرف بمفهوم “الضم الزاحف” أو التدريجي.

وعلى المدى القريب، يمنح هذا التطور غطاءً قضائيًا إضافيًا للاستيطان، ويشجع على توسع المستوطنات، ويقوي حضور المستوطنين المتشددين في مؤسسات الدولة، ما يعزز مواقف اليمين الديني والقومي الإسرائيلي.

أما على المدى البعيد، فيضرب هذا القرار أي إمكانية حقيقية لتقسيم الأرض أو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويُعقّد فرص العودة إلى مفاوضات سلام قائمة على مبدأ “حل الدولتين”.

ودوليًا، يهدد القرار بتصعيد التوتر مع المجتمع الدولي، ويقوّي المطالب الفلسطينية بتدويل ملف الاحتلال، ويدفع نحو زيادة الضغوط السياسية والقانونية على إسرائيل في المحافل الأممية.

spot_img