تشهد إيران تصعيدًا أمنيًا متسارعًا عقب الحرب الأخيرة مع إسرائيل، وسط مخاوف متزايدة في الداخل من موجة قمع جديدة تستهدف المعارضين والنشطاء والسكان بشكل عام.
ووفق ما نقلته صحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن حالة من الذعر تسود أوساط النشطاء السياسيين وعائلات السجناء، بعد أن بدأت السلطات الإيرانية سلسلة من الإجراءات الأمنية المشددة، شملت الاعتقالات الموسعة، وزيادة نقاط التفتيش، وتفتيش الهواتف المحمولة للمواطنين في الشوارع.
وتؤكد مصادر ميدانية للصحيفة، أن “الأمن الإيراني يستخدم الحرب الأخيرة ذريعة لتوسيع رقعة القمع الداخلي، وسط حالة من التعتيم الإعلامي وغياب المحاسبة”.
اختفاء قسري ونقل سجناء إلى مواقع مجهولة
من أخطر ما رُصد خلال الأيام الماضية هو ما حدث بعد القصف الإسرائيلي لمحيط سجن إيفين الشهير قرب طهران، إذ تم نقل عدد غير معلوم من السجناء السياسيين إلى منشآت احتجاز أخرى، وسط تكتم تام من السلطات حول أماكنهم الجديدة.
وبحسب شهادات من عائلات بعض المعتقلين الذين تمكنوا من الاتصال، فإن ظروف الاحتجاز في السجون الجديدة “أسوأ بكثير” من تلك التي كانوا فيها سابقًا، مع حرمان شبه كامل من الحقوق الأساسية.
وأشارت الصحيفة إلى
دأن أماكن العديد من السجناء ما تزال مجهولة، في د.دددد تُبقي السلطات ملفهم طي السرية، ما يثير مخاوف من تعرضهم للتعذيب أو التصفية في مراكز احتجاز معزولة.
الرقابة الإلكترونية في أوجها
وبعد وقف إطلاق النار الذي أنهى 12 يومًا من القتال الجوي العنيف بين إسرائيل وإيران، اتجهت السلطات الإيرانية إلى تشديد المراقبة الإلكترونية على المواطنين.
وباتت الهواتف المحمولة هدفًا رئيسيًا للأجهزة الأمنية، حيث تتفتش بشكل عشوائي في الشوارع، ويُعتقل البعض بسبب منشورات أو رسائل قد تُفهم على أنها “معارضة للنظام”.
وبحسب مصادر “الغارديان”، فإن هذه الإجراءات لم تقتصر على النشطاء المعروفين، بل طالت حتى مواطنين عاديين، ما عزز الشعور العام بأن البلاد تتجه نحو مرحلة أشد قمعًا مما سبق.
استغلال أزمة “الجواسيس” لتصفية المعارضين
تقول تقارير غربية إن الكشف عن خلايا تجسس إسرائيلية مزعومة في العمق الإيراني، أعطى النظام الإيراني ذريعة جاهزة لتوسيع حملته الأمنية.
فبحسب وسائل الإعلام الرسمية، تم اعتقال نحو 700 شخص خلال الحرب، بتهمة التعاون مع “قوى أجنبية”، أبرزها إسرائيل.
وفي تطور أخطر، يسعى البرلمان الإيراني لتمرير قانون جديد يسمح بتطبيق عقوبة الإعدام ضد من يُتّهمون بالتعاون مع جهات خارجية، وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد، ويطرح تساؤلات جدية حول مستقبل حرية التعبير وحقوق الإنسان في البلاد.
الخوف يعود إلى الشارع الإيراني
وتنقل الصحيفة شهادات لعدد من النشطاء الذين عبروا عن قلقهم من أن تتحول حالة الطوارئ الأمنية إلى وضع دائم، خاصة أن النظام الإيراني لديه سجل طويل في استغلال الأزمات الخارجية لإعادة ترتيب أوراقه داخليًا عبر القمع والتصفية.
وقالت إحدى الناشطات – فضّلت عدم الكشف عن هويتها – للغارديان: “نشعر بأننا عدنا إلى مرحلة ما بعد احتجاجات 2019، لكن هذه المرة أكثر قسوة. أي كلمة أو موقف قد يكلفك حياتك أو حريتك”.
في ظل هذا المشهد، تبدو إيران مقبلة على فصل جديد من فصول الصراع بين السلطة وشعبها، حيث يُخشى أن تكون “الحرب على الجواسيس” مجرد مقدمة لحرب أوسع على كل صوت لا يصفق.