في تحول لافت في مسار المواجهة بين إسرائيل والميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، نفذت البحرية الإسرائيلية فجر الثلاثاء، هجومًا مباشرًا استهدف ميناء الحديدة غرب اليمن.
يمثل هذا التدخل أول مشاركة علنية للبحرية الإسرائيلية في عمليات هجومية ضد أهداف تابعة للحوثيين، في مؤشر على تصعيد نوعي في طبيعة الردود الإسرائيلية على التهديدات البحرية المتكررة في البحر الأحمر.
يأتي هذا الهجوم بعد أشهر من الاستهدافات الجوية التي كانت إسرائيل تعتمدها في ردها على الهجمات الحوثية، والتي تصاعدت منذ حرب غزة الأخيرة، حيث تبنت الجماعة اليمنية عدة هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن تجارية وعسكرية يعتقد أنها مرتبطة بإسرائيل أو بحلفائها الغربيين.
استخبارات دقيقة.. واختراق مزدوج
الهجوم على الحديدة لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة معلومات استخباراتية دقيقة تم جمعها خلال الأشهر الماضية، وفقًا لمصادر مطلعة تحدثت إلى وسائل إعلام إسرائيلية.
وتشير هذه التقارير، أن جهاز الموساد نجح في تنفيذ اختراق أمني مزدوج، شمل عناصر داخل شبكة حزب الله في لبنان وأخرى داخل الأراضي اليمنية نفسها.
الهدف من هذه العمليات، بحسب ذات المصادر، كان إنشاء بنك أهداف موسع يشمل مواقع استراتيجية يستخدمها الحوثيون، من ضمنها منشآت بحرية ومخازن تسليح ومنصات إطلاق صواريخ.
ويعتقد أن جزءًا كبيرًا من هذه البنية التحتية العسكرية يقع داخل نطاق الموانئ الثلاثة الواقعة تحت سيطرة الجماعة، وعلى رأسها الحديدة.
تحذير مسبق ورسالة مدروسة
قبل تنفيذ الهجوم، أصدرت إسرائيل تحذيرًا علنيًا، مساء الإثنين، عبر المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، دعا فيه إلى إخلاء موانئ الحديدة، رأس عيسى، والصليف، محذرًا من أن هذه المواقع باتت تستخدم في ” أنشطة إرهابية تهدد أمن الملاحة الدولية”.
ويفسر مراقبون هذا التحذير العلني، بأنه لم يكن فقط جزءًا من سياسة الردع، بل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن إسرائيل تحتفظ بحق الدفاع عن النفس حتى خارج نطاق حدودها التقليدية، خاصة عندما يتعلق الأمر بممرات الملاحة الحيوية.
تصعيد بحري غير مسبوق
المشاركة المباشرة للبحرية الإسرائيلية تمثل نقلة في العقيدة العسكرية تجاه الحوثيين، إذ كانت تل أبيب تعتمد سابقًا على سلاح الجو أو الدفاعات الأرضية لصد الهجمات.
واللجوء إلى القوة البحرية يشير إلى تطور في الأدوات والتكتيك، مع استعداد إسرائيل لفرض معادلات جديدة في البحر الأحمر.
وبحسب محللين عسكريين، فإن هذا التحول البحري يعكس ثقة إسرائيل في قدراتها الاستخباراتية واللوجستية في مياه بعيدة نسبيًا عن مسرح عملياتها التقليدي.
كما يشير أن البحر الأحمر، وليس فقط الجبهة الشمالية أو قطاع غزة، أصبح الآن ساحة مواجهة مفتوحة ضمن الصراع الإقليمي الأوسع مع إيران ووكلائها.
اليمن في الحسابات الإسرائيلية الجديدة
ليست هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها مصادر إسرائيلية عن اليمن كجزء من خريطة التهديد، لكن استهداف الحديدة بهذا الشكل يكرس قناعة جديدة لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب، أن اليمن لم يعد مجرد تهديد بعيد، بل نقطة ارتكاز لوجستية وعسكرية محورية في مشروع طهران الإقليمي.