ذات صلة

جمع

رسالة واضحة.. لا مكان للإخوان في تونس الجديدة

في خطاب مباشر يحمل في طياته رسائل قاطعة، جدد...

تسريبات أم خدعة استخباراتية.. الموساد والحوثيون في دائرة الشك

في تصعيد لافت على الساحة اليمنية، كشفت سلسلة من...

نتنياهو يلوّح باستهداف المرشد الإيراني.. فأين اختفى خامنئي منذ بداية الحرب؟

في تصريحات مثيرة للجدل، لمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين...

من التأجيل إلى السجن النافذ.. تطور قضائي يعيد طرح تساؤلات عن إرث العنف في عهد الإخوان

في تحوّل لافت على الساحة القضائية الإقليمية، شهدت الأسابيع الماضية سلسلة من الأحكام الصارمة ضد قيادات وعناصر جماعة الإخوان المسلمين في عدة دول عربية وأجنبية، لتعيد هذه التطورات إلى الواجهة ملفًا دامغًا لطالما ارتبط بالعنف، والتمويل المشبوه، ومحاولات تقويض الدولة الوطنية.

مصر: نهاية سلسلة من التأجيلات.. وعودة لـ”سيف القانون”

ففي مصر، أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكامًا نهائية بالسجن المؤبد والمشدد بحق عشرات من قيادات الصف الأول بالجماعة، في قضايا تتعلق بالتخابر مع جهات أجنبية، وتمويل الإرهاب، وتشكيل خلايا مسلحة، من بينهم محمد بديع، المرشد العام للجماعة، وخيرت الشاطر، نائب المرشد.

ومثّلت هذه الأحكام تتويجًا لمسار قضائي معقد امتد لأكثر من عقد، اتسم بكثرة التأجيلات والطعن في الإجراءات، قبل أن تنجح الأجهزة القضائية في استكمال حلقات الإثبات، اعتمادًا على أدلة مرئية، وتسجيلات صوتية، وشهادات من عناصر منشقّة.

وفي السياق ذاته، حُكم على عددٍ من قيادات الإخوان في قضايا تتعلق بتمويل اعتصامَي رابعة والنهضة، اللذين انتهيا بمواجهات دامية خلّفت مئات القتلى والمصابين، وأسفرت عن الكشف عن ترسانة أسلحة وذخائر في مواقع الاعتصام.

تونس: ملف التنظيم السري والإرهاب يعود إلى الواجهة

وفي تونس، أعادت النيابة العامة فتح ملف “الجهاز السري” التابع لحركة النهضة – الذراع السياسية لجماعة الإخوان هناك – وذلك في أعقاب تسريبات ووثائق قضائية تؤكد تورط قيادات بارزة في التنصت على مسؤولين أمنيين وسياسيين، وتدبير اغتيالات سياسية، أبرزها اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013.

وأصدرت المحاكم التونسية مذكرات توقيف وملاحقات بحق عدد من أعضاء الحركة، من بينهم رئيسها السابق راشد الغنوشي، على خلفية اتهامات تتعلق بغسيل الأموال، وتمويل جماعات إرهابية في ليبيا وسوريا، فضلًا عن التلاعب بنتائج الانتخابات.

وقد أكد تقرير لديوان المحاسبة التونسي (2024) وجود تحويلات مالية مشبوهة إلى حسابات الحركة من جمعيات تنشط تحت غطاء العمل الخيري في أوروبا وتركيا وقطر.

ليبيا: فوضى ما بعد الثورة واختراق الإخوان للمنظومة الأمنية

أما في ليبيا، فقد كشفت وثائق استخباراتية مسربة – نشرها موقع “ليبيا هيرالد” – أن جماعة الإخوان كانت وراء تشكيل خلايا مسلحة داخل وزارتي الدفاع والداخلية في فترة ما بعد 2011، وذلك ضمن استراتيجية لـ”التمكين الكامل”.

وتحقق المحاكم العسكرية في بنغازي وطرابلس في أكثر من 20 قضية تتعلق بتهريب السلاح، واغتيالات سياسية، واختطاف دبلوماسيين، وتعاون مباشر مع تنظيمات جهادية مثل: “أنصار الشريعة” و”مجلس شورى درنة”.

فرنسا: إجراءات إدارية وجنائية ضد “اتحاد المنظمات الإسلامية”

أما في باريس، ففي 2023، أصدرت وزارة الداخلية الفرنسية قرارًا بحل جمعية “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا” (UOIF) لارتباطها بأجندة إخوانية وترويجها لخطابات الكراهية.

وأثبتت التحقيقات وجود علاقات تمويل متبادلة مع جمعيات ممولة، وتم فتح ملفات جنائية ضد 5 جمعيات إسلامية تمثل واجهة للجماعة، أبرزها: “مؤسسة القرآني”، “اتحاد مسلمي ليل”، و”رابطة الطلبة المسلمين في فرنسا”.

ألمانيا: الرقابة المشددة على أنشطة الإخوان

بحسب تقرير هيئة حماية الدستور الألمانية (BfV) لعام 2023، يوجد نحو 1000 عضو فاعل في جماعة الإخوان داخل ألمانيا، وتم إغلاق عدد من المساجد والجمعيات، أبرزها: “مسجد النور” في برلين، بسبب أنشطته المتطرفة.

لذا تصنف السلطات الألمانية “منظمة المجتمع الإسلامي” كذراع تنظيمية للجماعة، وتخضع لمراقبة دائمة بسبب محاولاتها التأثير على مسلمي أوروبا.

النمسا: الأحكام القضائية تتصاعد

وفي أعقاب “عملية الأقصر” (2020)، نفذت السلطات النمساوية مداهمات لـ 60 مقرًا مرتبطًا بالإخوان، وفي ديسمبر 2023، حكم القضاء النمساوي بالسجن 8 سنوات على ناشط إخواني بارز (مصري الجنسية) بعد إدانته بتبييض أموال وجمع تمويلات للجماعة في مصر وسوريا، وصدر قرار بحظر جمعية “المجتمع الإسلامي” التابعة للجماعة، ومصادرة أرصدتها البنكية.

الإرث العنيف للإخوان يعود إلى طاولة النقاش السياسي

وتعيد هذه الأحكام والتطورات القضائية تسليط الضوء على تاريخ طويل من العنف الممنهج، حيث اعتمدت جماعة الإخوان – منذ تأسيسها – على بناء شبكات سرية موازية للدولة، تتغلغل في مؤسساتها، وتُعدّ لانقلاب تدريجي.

ويؤكد الباحثون في شؤون الحركات الإسلامية، أن “التحولات القضائية في مصر وتونس وليبيا تعكس صحوة متأخرة لمحاسبة جماعة اختبأت طويلًا خلف عباءة الشرعية الانتخابية، بينما كانت تُدبّر للسيطرة الكاملة على الدولة”، فضلاً عن أن القضاء بات اليوم أكثر جرأة في التعاطي مع ملفات الجماعات الإسلامية، بفضل تراجع الغطاء السياسي الإقليمي والدولي، الذي كان يمنحها حصانة ضمنية.

كما يرجع هذا التحول القضائي في المنطقة العربية وأوروبا إلى تراجع الغطاء السياسي الدولي بعد تغير الإدارات في الغرب، وتزايد الأدلة الموثقة بشأن ارتباط الجماعة بشبكات تمويل الإرهاب، واتساع التحقيقات الصحفية والاستخباراتية التي كشفت عن استخدام العمل الدعوي كغطاء سياسي وتمويلي

ما يثبت أن الجماعة لم تراجع خطابها أو بنيتها رغم سقوطها السياسي، بل انتقلت إلى العمل السري والتغلغل في المجتمعات الغربية من بوابة الجمعيات.

spot_img