تحولات دراماتيكية تشهدها العلاقات بين واشنطن وموسكو خلال الأيام الأخيرة، مع تصاعد لهجة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من تأكيداته المتكررة بوجود علاقة “جيدة جدًا” بينهما.
تصريحات ترامب الأخيرة التي تضمنت تهديدات مبطّنة بفرض عقوبات جديدة على روسيا، سلطت الضوء على تراجع واضح في مسار التفاهم بين الزعيمين، خصوصًا في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا وتعثر جهود الوساطة.
“بوتين يقتل الكثير من الناس”
في تصريحات صادمة، قال ترامب – خلال مؤتمر صحفي الأحد الماضي-: “إنه يقتل الكثير من الناس، لا أعرف ما الذي أصابه؟”، في إشارة إلى بوتين.
التصريح، وإن بدا مرتجلاً إلا أنه يعكس تململاً متزايدًا في أروقة الإدارة الأميركية من الموقف الروسي، وتحديدًا من تجاهل موسكو لنداءات وقف إطلاق النار والمضي قدمًا في مسار المفاوضات السياسية.
فرض حزمة جديدة من العقوبات
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر مطلعة أن ترامب يدرس جديًا فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا خلال هذا الأسبوع، تعبيرًا عن استيائه من تعثر مباحثات السلام، واستمرار القصف الروسي للأراضي الأوكرانية.
وأفادت الصحيفة – في تقرير صادر لها- أنه منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، كرر أكثر من مرة أنه قادر على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية خلال أيام.
وبالفعل، أطلقت إدارته مبادرة وساطة قادها المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي زار موسكو أربع مرات في محاولة لإقناع بوتين بالتوصل إلى تسوية.
إلا أن كل تلك التحركات لم تحقق اختراقًا سياسيًا يذكر، باستثناء تبادل مئات الأسرى خلال لقاء روسي أوكراني في إسطنبول قبل أسبوع، بينما ما تزال جبهات القتال مشتعلة.
من جهتها، أكدت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، أن “الرئيس أوضح رغبته في رؤية اتفاق سلام تفاوضي، لكنه أبقى جميع الخيارات مطروحة بذكاء”، في إشارة أن العقوبات ما تزال أداة حاضرة في يد واشنطن.
تساؤلات حول مستقبل الوساطة
أشخاص مقربون من ترامب تحدثوا للصحيفة الأميركية عن أن الرئيس “سئم من مفاوضات السلام”، ويفكر جديًا في التخلي عنها إذا لم تُسفر المحاولة الأخيرة عن نتيجة ملموسة.
التصريحات تعكس نفاد صبر واشنطن إزاء ما تعتبره “مماطلة روسية”، وتطرح تساؤلات حول مدى جدية الإدارة الأميركية في مواصلة الضغط الدبلوماسي، أو الانتقال إلى أسلوب أكثر صرامة.
وفي المقابل، أكد الكرملين -يوم أمس- أن العمل ما يزال جاريًا على مسودة مذكرة سلام روسية، ما يوحي بأن موسكو تحاول الحفاظ على خيط التواصل قائمًا، رغم التصعيد اللفظي المتبادل.
وفي ضوء هذه المستجدات، يبدو أن العلاقة بين ترامب وبوتين دخلت مرحلة جديدة من التوتر، بعد شهور من التفاهم الحذر، كما أن التلويح بالعقوبات يعكس تغيرًا في نهج الرئيس الأميركي الذي لطالما تغنّى بقدرته على التأثير على سيد الكرملين.